[بقية الباب الثالث]
  لو بويع لعلي #، كما هو من أجوبة من ذهب إلى تصحيح إمامة المتقدمين.
  لأنا نقول: إن الأنصار قد أزيحوا عنها وأزلجوا يوم السقيفة، فأمن ضرهم بمبايعة من بايع منهم، وانكسار أمر من لم يبايع منهم بسبب الاختلاف بينهم، فلو كان مسعى أبي بكر وعمر خيراً لكان الواجب عليهما بعد ذلك الرجوع إلى إنصاف أمير المؤمنين # بتسليم الأمر له بالحجة التي احتجا بها على الأنصار، وبما قد سمعا فيه من النصوص من الله ورسوله القاضية بوجوب تقديمه وتفضيله عليهما وعلى كل مؤمن ومؤمنة. فأما ارتداد الناس لو بويع لعلي # فأمر يحتاج إلى وحي، ولأنه إن أريد ارتداد الناس أجمعهم ولم يبق مبايع يفرض تعلق ردتهم ببيعته، وإن أريد بعضهم فكان الواجب على البعض الآخرين التشاور فيما بينهم كما أمرهم الله بقوله: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى ٣٨]، وعدم الاختلاف والتنازع والمبادرة إلى أخذ الأمر فلتة وخلسة، والنظر والبحث واجتماعهم على الكلمة، وأن يقول أبو بكر وعمر لو كان مسعاهما خيراً أو صلاحاً للإسلام والمسلمين: إنا قد كفانا الله شر البيعة للأنصار بما احتججنا عليهم بالقرب من الرسول ÷، وأخذنا عليهم البيعة، فصاروا في أيدينا، ونحن في دين الله إخوان، وعلى من ناوء الإسلام أعوان، ولن تجتمع كلمة المسلمين إلا بإمام اختاره الله ورسوله ونص عليه، أو يختاره الصلحاء والعلماء وأهل الحل والعقد بلا تناكر، لكن إذا اخترنا علياً وبايعناه عن أمر الله ورسوله وعن اختيار من المسلمين سينفر عنه بعض المسلمين ويرتدوا على أعقابهم، فماذا ترون أيها الإخوان في الله، فإنا لا نريد الأمر لنفوسنا من دون مشورة، وإنما أخذنا الأمر من الأنصار لئلا تنشق العصا، وقد كفانا الله أمرهم، وصارت كلمتنا وكلمتهم واحدة. ثم إن هذه الجملة التي سيقت آنفاً قد أفادت أن عمر قال لعلي #: إنك لست متروكاً حتى تبايع. وهذا نوع من التهديد والتوعد إن
= تولوا علياً يسلك بكم الصراط المستقيم، وتدخلوا الجنة أجمعين أكتعين». (من هامش المخطوطة).