الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 123 - الجزء 2

  تركناه فهو صدقة»، فقالت: أرأيتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله ÷ تعرفانه وتفعلان به، قالا: نعم، قالت: نشدتكما الله تعالى ألم تسمعا رسول الله ÷ يقول: «رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني»، قالا: نعم سمعناه من رسول الله ÷، قالت: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي ÷ لأشكونكما إليه، قال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة، ثم انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق وهي تقول: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها، ثم خرج باكياً فاجتمع إليه الناس، فقال لهم: يبيت كل رجل منكم معانقاً حليلته مسروراً بأهله وتركتموني وما أنا فيه، لا حاجة لي في بيعتكم، أقيلوني بيعتي، قالوا: يا خليفة رسول الله لا يستقيم وأنت أعلمنا بذلك أنه إن كان هذا لم يقم لله دين، فقال: والله لولا ذلك وما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة ولي في عنق مسلم بيعة بعدما سمعت ورأيت من فاطمة، قال: فلم يبايع علي كرم الله وجهه حتى ماتت فاطمة ^، ولم تمكث بعد أبيها إلا خمساً وسبعين ليلة، إلى أن قال: ثم خرج فأتى المغيرة بن شعبة فقال: أترى يا أبا بكر أن تلقوا العباس وتجعلوا له نصيباً في هذا الأمر يكون له ولعقبه، وتكون لكما الحجة على علي # وبني هاشم إذا كان العباس معكم، قال: فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة حتى دخلوا على العباس ¥ فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ثم قال: إن الله بعث محمداً ÷، نبياً وللمؤمنين ولياً، فَمَنَّ الله بمقامه بين أظهرنا حتى اختار له ما عنده، فخلى على الناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم متفقين لا مختلفين، فاختاروني عليهم والياً، ولأمورهم راعياً، وما أخاف بحمد الله وهناً ولا حيرة ولا جبناً، وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم عليه توكلت وإليه أنيب، وما زال يبلغني عن