الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 124 - الجزء 2

  طاعن يطعن بخلاف ما اجتمعت عليه عامة المسلمين، ويتخذونكم لحافاً، فاحذروا أن تكونوا جهد المنيع، فإما دخلتم فيما دخل فيه العامة أو دفعتموه عما مالوا إليه، وقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيباً يكون لك ولعقبك من بعدك، إذ كنت عم رسول الله ÷، وإن كان الناس قد رأوا مكانك ومكان أصحابك فعدلوا الأمر عنكم، على رسلكم بني عبد المطلب فإن رسول الله منا ومنكم. ثم قال عمر: أي والله، وأخرى أنا لم نأتكم حاجة منا إليكم، ولكنا كرهنا أن يكون الطعن منكم فيما اجتمع عليه العامة فيتفاقم الخطب بكم وبهم، فانظروا لأنفسكم ولعامتكم.

  فتكلم العباس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله بعث محمداً ÷ كما زعمت نبياً وللمؤمنين ولياً، فَمَنَّ الله بمقامه بين أظهرنا حتى اختار له ما عنده، فخلى على الناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين للحق لا مائلين عنه بزيغ الهوى، فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم متقدمون فيهم، وإن كان هذا الأمر إنما يجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنا كارهين، فأما ما بذلت لنا فإن يكن حقاً لك فلا حاجة لنا فيه، وإن يكن حقاً للمؤمنين فليس لك أن تحكم عليهم، وإن كان لنا لم نرض عنك ببعض دون بعض، وأما قولك: «إن رسول الله ÷ منا ومنكم» فإنه كان من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها.

  قلت - وبالله التوفيق -: فهذا ما تعقب بعد يوم السقيفة في حياة فاطمة & برواية هذا المؤرخ مع فرط محبته لأبي بكر وعمر، وشدة تعصبه في مذهبه لهما، ولما فيه مما يقدح في أبي بكر وعمر من التهديد والوعيد بالقتل للوصي #، وجمع حزم الحطب إلى باب دار فاطمة & لتحرق بمن فيها إن لم يخرجوا للبيعة سَبَّقَ هذا المؤرخ جملة من الأحاديث في فضائل أبي بكر وعمر؛ ليسبق إلى فهم المطلع حسن الظن بهما، ولعل مرامه كما حكيناه عن قاضي القضاة أنه سائغ لهما ذلك توصلاً إلى