[أدلة حدوث الأجسام وأن لها محدثا]
  وأثماراً، وأشجاراً، وحجارةً، وناراً، وبحوراً، وأنهاراً، وإناثاً، وذكوراً، وأحياءً، وأمواتاً، وجمعاً، وأشتاتاً) وكذلك محتركاً وساكناً. والمراد بقوله: «وجمعاً وأشتاتاً»: الاجتماع والافتراق، وكذلك الحركة والسكون، وهي المسماة في لسان المتكلمين بالأكوان الأربعة، فلا يخلو كل جسم عن الاتصاف باثنين منها؛ لأنه إما متحرك أو ساكن، وإما مجتمع مع غيره أو مفترق عنه، فإن كان محتركاً دل على الحدوث، وإن كان ساكناً فكذلك؛ لأن الحركة والسكون عرضان محدثان بلا شك؛ لأن كل حركة يصح عدمها وإبدالها بالسكون، والعكس، وما صح إبداله بغيره علم حدوثه؛ لأن القديم لا يصح عدمه؛ لأنه موجود بذاته، فلا يصح دخوله تحت قدرة قادر لإيجاده ولا لإعدامه، فعلم بهذا حدوث الحركة وحدوث السكون، وكذلك الاجتماع والافتراق، فما من اجتماع إلا ويصح إبداله بالافتراق، فالافتراق محدث لوجوده بعد العدم، والاجتماع محدث لعدمه وإبداله بالافتراق، وكذلك سائر ما ذكره # من اختلافِ الهيئات والصور، وكونِ بعض الأجسام سماءً وبعضها أرضاً، واختلافِ الأثمار والأشجار، تتنقل وتتناسخ من حالة إلى حالة حتى يبلغ حد اليناع والكمال، وكل حالة من أحواله يصح في العقل أن تكون تلك الثمرة أو الشجرة على حالة مخالفة لها؛ فإنك ترى شجرة العنب الأبيض مثلاً يصح أن يكون ثمرها أسود أو أحمر، فيدل ذلك على الفاعل المختار الذي فعل هذا كذا وهذا كذا، وكذلك الذكورة والأنوثة والإحياء والإماتة في الحيوانات، فإن المرأة إذا حملت صح في الحمل أن يكون ذكراً وأن يكون أنثى، وبعد ولادته يصح عليه أن يبقى حيًّا وأن يخلفَ حياتَه الموتُ، و «أيَّما» كان من ذكورة أو أنوثة أو حياة أو موت دَلَّ على فاعل مختار فعل هذا الحمل المولود على هذه الحال دون ضدها.