الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بحث في الأعراض]

صفحة 76 - الجزء 1

  كل من الروائح إلى محله إذا أريد تعينه والخبر عنه، فيقال: ريح المسك، وريح الورد، ونحو ذلك (وحرٍ وبردٍ) وهما ظاهران، واختلافهما في القلة والكثرة من أدل الدلائل على الفاعل المختار، وكذلك اختصاصها ببعض الأمكنه والأزمنة، وما فيهما واعتوارهما على الحيوانات من المصالح كما لا يخفى (وَوِجاءٍ) ككتاب: وهو الألم، قال شيخنا صفي الإسلام ¦: وينظر في عده من الضروريات؛ لأنه مقدور لنا، إلَّا أن يراد بالضروريات ما لا يقف على اختيارنا.

  قلت: مراده ¦ في تفسير الضروريات ما يختص بها الباري تعالى؛ لذلك نَظَّرَ على عد الألم منها لدخوله تحت مقدورنا متولداً عن الضرب ونحوه، وأما إذا فسرناها بما يعلم وجوده ضرورة فلا تنظير؛ لأن مراد المؤلف # الألم الذي فيه الدلالة على الله تعالى، وهو ما لم يكن من أفعالنا كالمرض ونحوه (وفناءٍ) وهو إن أُريدَ به التمزيق والتبديد وتخربة⁣(⁣١) البنية فهو عرض، وإن أريد به إعدام الجسم عدماً محضاً بالكلية فهو جنس مستقل خارج عن الأعراض. والخلاف بين العلماء في كيفية فناء العالم على حَسبِ ما ذُكِرَ، فذهب الإمام القاسم بن محمد @ إلى الثاني⁣(⁣٢)، وذهب غيره إلى الأول⁣(⁣٣)، والأدلة مذكورة مبسوطة في غير هذا الموضع.

  (وألوانٍ متضادة) أي: مُعْتَوِرَة ومختلفة (على المحل) والضدان: ما لا يجتمعان ويصح ارتفاعهما بثالث، كالألوان. والنقيضان: ما لا يجتمعان ولا يرتفعان بثالث، كالوجود والعدم، والليل والنهار.

  (وموت) واختلف فيه، فقيل: إنه معنى وجودي، وهو قول المنصور بالله


(١) أي: تغيير.

(٢) أي: إعدام الجسم إعدامًا محضًا.

(٣) أي: التمزيق.