الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[العالم محدث]

صفحة 77 - الجزء 1

  عبد الله بن حمزة # وغيره؛ مستدلين بقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ}⁣[الملك ٢]. وقيل: بل هو أمر عَدَمِي؛ لأن المرجع به إلى إزالة الحياة الموجودة في الجسم، وهو قول المهدي # وغيره؛ وحجتهم أنه لم يعقل من معناه غير ذلك، فإطلاق الخَلْق عليه تجوزٌ، لما كان تعالى هو المزيل للحياة سَمَّى الإزالة خَلْقاً تجوزاً. والأظهر الأول؛ لأنه يمكن أن يكون إزالة المعنى بإيجاد ضده كما في سائر الأضداد.

  (يقطع الرزق) وهو ما يصح الانتفاع به من دون حظر، كالمآكل والمشارب والمشمومات والملبوسات، وكالعبيد والأولاد والأزواج، يقال: رزقه الله ولداً صالحاً وزوجة صالحة. وقلنا: «من دون حظر» إشارة إلى خلاف المجبرة؛ فإنهم يطلقون الرزق على ما وقع به الانتفاع، ولو كان الانتفاع بالمال الحرام فإنه رزق عندهم. قلنا: يلزم ألَّا يلام من تناوله ولا يذم على ذلك، فيلزم رفع العقاب وحد السارق؛ لأن استحقاق العقاب متفرعٌ على صحة الذم. وأيضاً نهى الله تعالى عن تناوله، والحكيم لا ينهى عما رزق خلقه أن يتناولوه. ولا يَخفَى أنَّ الاحتجاجَ عليهم بما ذكر مع قولهم بالجبر وأنه تعالى لا يقبح منه قبيح ممَّا لا يُسَلِّمون صحته، لكن ذلك الاحتجاج معلومٌ بلا شك،

  الأول: وهو استحقاق متناول الحرام الذمَّ وملازمته استحقاق العقاب عقلي.

  والثاني: مركب من قضيتين:

  إحداهما معلومة من الدين ضرورة، وهي أن الله تعالى نهى عن تناول الحرام.

  والثانية - وهي أن الحكيم لا ينهى عن تناول عباده ما رزقهم - معلومةٌ عقلاً.

  فإذا كان هذان الدليلان معلومين يقينيين لَزِمَ منهما بطلان الجبر من أصله.

  وهذه إحدى مفاسد الجبر وفواقره التي أضرت بالدين والدنيا.

  وكان موضع هذه المسألة عند الكلام على مسائل العدل، لكنا ذكرنا ذلك استطراداً ملاحظة لخدمة ألفاظ المختصر. وفيما ذكره # إشارة إلى قول أمير