الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[وجه وجوب اعتقاد إمامة الحسنين على كل مكلف]

صفحة 205 - الجزء 2

  إمام العصر وجبت لترتب وجوب طاعته والكون معه، فما وجه وجوب معرفة إمامة الحسنين @ على من لم يعاصرهما؟.

  ويمكن الجواب على ذلك بأن الحسنين @ ممن وجب على الأمة من سلف منهم ومن غبر إلى يوم الدين مودتهما ومحبتهما خصوصاً بذاتيهما على القطع من دون شرط؛ لثبوت عصمتهما كسائر الخمسة À، دون من عداهما فلا يجب ذلك إلا لمن ظاهر حاله السلامة، ولا دلالة قاطعة على وجوب مودة ومحبة شخص بعينه غير الخمسة، وورد التحريض والتأكيد على وجوب محبة العترة ومودتهم والانتماء والاعتزاء والائتمام بهم على الجملة، وأن الخروج عن جملتهم خروج عن السفينة، ومفارقة للكتاب، فصار حال الحسنين @ مفارقاً لحال سائر أهل البيت $ بعد أهل الكساء في وجوب مودتهما ومحبتهما في ذاتيهما على القطع، وذلك لا يتأتى مع إنكار إمامتهما؛ لأن المنكر لإمامتهما لابد أن يقول: بل الإمام في ذلك العصر معاوية ثم يزيد لعنهما الله تعالى، وفي ذلك خروج عن موالاة أولياء الله إلى معاداة أعداء الله، فوجبت معرفة إمامتهما من باب ما لا يتم الواجب إلا به يجب كوجوبه. وفيه إشكال؛ إذ غاية ما ذكر أنه لا يجوز له الإنكار، فمن أين أنه يجب عليه المعرفة؟ ألا ترى أنه لا يجوز لأحد إنكار إمامة مَنْ بعد الحسنين @، كإمامة زيد بن علي @، وكإمامة النفس الزكية وأخويه، ويحيى بن زيد والقاسم والهادي $، ولا يجب على كل مكلف لم يعاصرهم اعتقاد إمامتهم، بل الواجب عليه معرفة أن الإمامة في أهل البيت $ على الجملة، وهذا لا خلاف فيه، فلم يظهر وجه وجوب معرفة إمامة الحسنين @، وأيضاً فليس من شرط مودة الشخص ومحبته وموالاته اعتقاد إمامته، ألا ترى أن كثيراً من الزيدية يودون الثلاثة ويحبونهم ويوالونهم ولا يقولون بإمامتهم.