الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 215 - الجزء 2

  تناوله اللفظ الشريف والنص الجلي المنيف، وهو قوله ÷: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا» بلا شبهة ولا ريب.

  إذا عرفت هذا فموضع خلافٍ بيننا وبين المعتزلة في إمامة الحسن # لا وجود له؛ لأن العقد وقع له عقيب أن استشهد أمير المؤمنين #، ولم ينعزل عندهم بالصلح بينه وبين معاوية لعنه الله تعالى، فبقي إماماً إلى أن توفاه الله تعالى، وإنما موقع الخلاف هو بيننا وبين الأشعرية في زمن الحسن عقيب الصلح إلى أن توفي ¦، وموضع الخلاف بيننا وبين المعتزلة في إمامة الحسين # هو منذ توفي الحسن إلى أن خرج الحسين من المدينة متوجهاً إلى مكة، فكاتبه أهل الكوفة يطلبونه الوصول إليهم، فَقَدَّم قبله ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب |، فأخذ عليهم البيعة للحسين #، فصار بذلك عندهم إماماً إلى أن استشهد ~، فأما قبل ذلك العقد فليس عندهم بإمام، بل يصلح لها فقط، وكذلك قول الأشعرية، إلا أن ابن حجر ومن وافقه كالحشوية لم يعتدوا بإمامته هذه، قال ابن حجر: لعدم استقرارها، وأما الحشوية فعلتهم أن طريق الإمامة القهر والغلبة، وقد مر أن كلام ابن حجر يؤول إليه وإن تحاشى عنه في تصحيحه إمامة معاوية اللعين بعد الصلح.

  وحجتنا عليهم الجميع: دلالة الخبر، فقد قضت بثبوت إمامة الحسن بعد أبيه، ثم الحسين بعد أخيه من دون فصل وتفريق حسبما ذكره المخالفون، ويؤكده قوله ÷: «قاما أو قعدا»، فإن هذا منه ÷ إشارة إلى زمن الحسن بن علي @ بعد الصلح، وزمن الحسين بعد الحسن قبل العقد له بالكوفة، فهما في ذينك الزمنين قاعدان عن القيام بأعباء الإمامة وتقلد أمر الزعامة، فنص ÷ على أن إمامتهما في ذينك الزمنين ثابتة كثبوتها حال قيامهما وجهادهما، وإن كانت ثابتة حال قعودهما فثمرة ثبوتها لهما أنهما تجب طاعتهما إذا أمرا بما أمره إلى الأئمة، وأن ولاية الحدود إليهما، فإذا أتي إليهما بمن لزمه حد