الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الرد على من زعم صحة إمامة معاوية وولده يزيد]

صفحة 217 - الجزء 2

  الزعامة؛ لأنه كما ورد في الخبر النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام: «فرعون هذه الأمة» {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}⁣[الزخرف ٥٤]، ولأنه لا شبهة أنه كان ووالده أبو سفيان اللعين حرباً للرسول ÷ في المواطن كلها، حتى نصره الله تعالى عليهما وعلى كل كافر من أهل مكة ومن حولها يوم الفتح، فاستسلما فيمن استسلم ليحصنا بذلك دماءهما، ويحفظا بذلك أعراضهما وأموالهما، وقد كان أمير المؤمنين # بعد مقتل عثمان إماماً بإجماع الأمة إلا من دعا عليه رسول الله ÷ بالخذلان، فلا اعتداد بخروجه عن جماعة الحق وجميع أهل الصدق، وبايع أمير المؤمنين جميع المهاجرين والأنصار وغيرهم ممن كان بالمدينة وسائر الحجاز والعراق وجميع أقطار الإسلام ما خلا أهل الشام، فشقوا عصا الإسلام، واتبعوا ذلك الفجور الظلام، ولا قائل بصحة إمامته سواهم من أهل الإسلام مدة زمن علي #، ومنذ قام ولده الحسن # إلى عند أن وقع الصلح، وحينئذ فلا نحتاج إلى إبطال إمامته قبل ذلك الصلح، بل بطلانها معلوم بلا ريب؛ ضرورة أنه باغ على ذينك الإمامين الأعظمين، ولا صحة لإمامة الباغي بضرورة الدين وإجماع جميع المسلمين، لكن عقيب ذلك الصلح هو الذي ناسب فيه أهل الضلال من علماء الأشاعرة وبعض أهل الحديث، فحسنوا الظن بمعاوية لعنه الله، واعتقدوا صحة إمامته، وهو عن الصلاحية لها بمعزل ومكان بعيد؛ إذ هو جبار عنيد.

  وليتأمل طالب الحق كيفية وقوع الصلح الذي اعتمده أهل الضلال في تصحيح إمامة ذلك المختالِ، وأولِ كل مضل دجال، ذكر أهل السير والأخبار والمؤرخين، منهم ابن قتيبة في كتاب السياسة والإمامة، والشيخ أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين، وأبو العباس الحسني في مصابيحه، والحجوري في روضته، والسيد الإمام أحمد الشرفي في الآلي المضيئة، كما حكى ذلك صاحب المنشورات عن أبي العباس والحجوري والسيد أحمد، ودخل خبر بعضهم في