الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 239 - الجزء 2

  لنا كلمتنا وألفتنا فإن كل ما هنالك تحت قدمي هاتين، الخ ما ذكره. ومقالة معاوية: «كل ما أعطيته الحسن تحت قدمي» لا يعلم خلاف بين آل محمد ÷ فيه، قال صاحب المنشورات ¦: وإنما أراد بذلك المقاصصة لما فعله الرسول ÷ من قوله: «كل أمر كان من أمور الجاهلية تحت قدمي هذه».

  قلت وبالله التوفيق: إن كان مراده المقاصصة بما فعله الرسول ÷ فذلك كفر صريح، ودلالة على أنه لم يسلم إلا نفاقاً وحقناً لدمه، على أنه لا سواء بين المسألتين، فلا فرج للنواصب في احتمال جواز ذلك لمعاوية تأسياً بفعل الرسول ÷؛ لأن مرام الرسول ÷ في كل أمر كان من أمور الجاهلية فيما لم يجر منه ÷ مصالحة بينه وبينهم، كتسييب السائبة، وتحريم الواصلة والحام وما في بطون الأرحام، وغير ذلك، دون ما كان صالحهم عليه، وحدت عليه مهادنته، كرد من جاءه مسلماً في صلح الحديبية ونحوه، فلم يكن منه ÷ في شيء من ذلك نقض ولا عذر حتى نقضوا ذلك الصلح بما فعلوه بخزاعة حلفاء رسول الله ÷، كما ذلك معروف في كتب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فتأسى عدو الله بسنة أعداء رسول الله ÷، وخالف سنة رسول الله ÷، وخالف كتاب الله تعالى بنقضه ذلك العهد، وقطعه ما أمر الله به أن يوصل، والفساد منه في الأرض، وقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}⁣[الرعد ٢٥]، فقد نقض العهد، وقطع ما أمر الله أن يوصل من مودة آل محمد ÷ وطاعة أولي الأمر منهم، وسعى في الأرض الفساد ببغيه وسفكه الدماء بغير حق، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}⁣[آل عمران ٧٧]، فكيف يصح