الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 240 - الجزء 2

  للنواصب ومن يدعي أنه من أهل السنة النبوية دعوى صحة إمامة من هذا حاله مع قوله تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}⁣[البقرة ١٢٤]؟ وإنما جواب من ادعى صحة إمامته لعنه الله مع قوله: إنه من أهل السنة أن يقال له: نعم إنك من أهل السنة الأموية، ثم الكفرية، لا من أهل السنة النبوية، فليس من أهلها إلا من وَدَّ آل محمد ÷، وعادى عدوهم، واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، على أنها قد تواترت الأخبار عن النبي المصطفى المختار ÷ أنه قال في علي: «لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق»، وتواترت أيضاً عن ذلك الطاغية إمام الفجار أنه باغض له #، وعدو له ولأولاده الأطهار بما لا تقدر النواصب وأهل تلك السنة على إنكاره، ولئن أنكر ذلك منهم منكر أو كابر فيه مكابر ما أمكنه إنكار اللعن على رؤوس تلك المنابر، فتدبر إن كنت ممن يتدبر، وإلا فأعد جواباً للسؤال في يوم المحشر، فإلى الله المآب والمفر.

  ومنها: أنه لم يكن بين الحسن وبين الحسين @ اختلاف فيما يعامل به الظلمة، وما يتعلق بسياسة الأمة وسير الأئمة في الرعية، وتدبير أمور الأمة المحمدية، فلا يتوهم متوهم من مصالحة الحسن # لمعاوية اللعين وعدم ذلك من الحسين # في يزيد المريد المهين أن بينهما اختلافاً في العقائد الدينية، والسيرة مع الظلمة وسائر الرعية؛ لأن الحال اقتضى مع كل واحد منهما @ حسن ما فعل، ولو اتفق لأحدهما مثل ما اتفق للآخر أو وقع أحدهما في عين ما وقع فيه الآخر لما فعل خلاف ما فعله أخيه صلوات الله وسلامه عليهما معاً وعلى سائر الآل جميعاً؛ لأن الحسن # في ابتداء الأمر جمع الأجناد والعساكر لقتال العدو، فلما خذل وظن استئصاله هو وأخيه وشيعته حسنت منه المصالحة على تلك الشروط، التي منها إجراء الأمور مجاريها الشرعية، ومراجعة الحسين # له في أوائل الصلح إنما هي لظنه الانتصار وعدم غلبة العدو، حتى وَضَّحَ له الحسن # حقيقة الأمر من خيانة من ظن الحسين بهم النصرة،