[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $
  فوافقه على حسن المصالحة كما مر حكاية ذلك عن رواية الحاكم في السفينة، وعن رواية ابن قتيبة لما أجاب به الحسين # على سليمان بن صرد ومن معه فليراجع، ولأن الحسين # إنما خرج من مكة إلى العراق لما كاتبوه أنهم في يده، ويطلبونه القدوم إليهم للبيعة والائتمام به، فأرسل مسلم بن عقيل ¦ يأخذ له البيعة عليهم، وظن أنهم سينصرونه، ثم تقدم # إليهم ولم يعلم ما قد تعقب ذلك من قتل عبيد الله بن زياد لعنه الله تعالى لمسلم بن عقيل، وغلبته على الشيعة وسائر من بايع، وخذلان من خذل مسلماً، كما حكته الأخبار في ذلك، فلما لم يتحقق له الأمر إلا وقد توجهت إليه الأجناد الكثيفة مع قلة عدد من معه من المقاتلة طلب من أمير ذلك الجند أن يتركه ويرجع من حيث أتى #، فلم يجبه إلى ذلك، ثم طلب منه أن يسير الحسين # إلى أي ثغر أرادوا من ثغور المسلمين التي بازاء الكفار فيكفيهم مؤنة من هنالك، فلم يجبه إلى ذلك، ثم طلب منه النزول على حكم يزيد اللعين، فعرض أمير ذلك الجند على آمره عبيد الله بن زياد لعنه الله فأبى إلا أن ينزل على حكمه، فلعل أنه ظن أنه إذا وصل الحسين # إلى يزيد تصالح معه على مثل ما وقع بين الحسن # ومعاوية لعنه الله تعالى، وخشي أن يحظى الحسين عند يزيد ويسبب لإبداله عن ولاية الكوفة بغيره، وامتنع عدو الله أن يقبل من ابن رسول الله ÷ إحدى تلك الثلاث الخصال مع ما ورد في الحديث: ما عرض على مؤمن ثلاث خصال إلا اختار أحدها، ولعلم الحسين # أو ظنه أو تجويزه أنه لا يصل إلى ابن زياد لعنه الله إلا ويقتله اضطر إلى المقاتلة حتى استشهد صلوات الله وسلامه على روحه الطاهرة فيمن معه من أولئك الشهداء، وجُرَّت حريمه وبنات الرسول ÷ كما تجر سبايا الكفار وبنات كسرى وقيصر، فالحكم لله العلي الكبير، فلو قدر أن هذه المتفقة واقعة مع الحسن # لما وسعه غير ما فعله الحسين #.
  ويدل على اتفاق رأي الحسنين @ في شأن قتال الظلمة، وأنه لا خلاف