الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 242 - الجزء 2

  بينهما فيما يتعلق بالعقائد المبرمة ما خاطب به الحسن # أصحابه في أوائل الصلح حسبما مر من رواية المنصور بالله عبد الله بن حمزة @ في الشافي، من قوله: فإن كنتم تريدون الله واليوم الآخر حاكمناهم إلى ظبا السيوف وأطراف الرماح، وإن كنتم تريدون البقية أخذنا لكم العافية، فتنادى الناس من جوانب المسجد: البقية البقية. وكيف يصح اختلاف الحسنين @ فيما يتعلق بالعقائد الدينية والمسائل الأصولية وهما الإمامان بالنص النبوي، والمعصومان عن الخطأ والتفرقة في كل أمر مدرك عقلي أو واجب شرعي.

  ومنها: صحة ما ذهب إليه أئمة الزيدية $ وشيعتهم الزكية من وجوب الخروج على الظلمة مع إمام الحق، وعدم جواز ذلك من دونه مع وجوده؛ لأن ولاية ذلك إليه. وفي المحتسب مع عدم وجوده خلاف بين الفروعيين مذكور في محله. وعلى أنه يجوز للإمام عقد الصلح مع الظلمة وسلاطين الجور من دون وجوب عليه، لا كما يذهب إليه الحشوية ونحوهم من تعكيس هذه الأحكام كلها، حتى قال الذهبي فيما روي عنه والله أعلم في قتل الحسين #: إنما قتله سيف جده.

  ومآخذ هذه الأحكام والأطراف كلها ظاهرة من فعل الحسنين @ وأقوالهما ومحاورتهما لأصحابهما، كما يعلم من تأمل جميع ما مر نقله برواية الموالف والمخالف، فلا نطيل الكلام بذكر كيفية الاستنباط والاستدلال على ذلك.

  ويؤيده ما عرف من سيرة الوصي # قبلهما من قتال الظلمة ومهادنتهم، مضافاً إلى ما في الكتاب والسنة مما يدل على ذلك، فلا يغتر من لا خبرة له بتدليس من ينتمون إلى السنة في اعتقاد أن الخروج على الظلمة بدعة، ويتشبثون على ذلك بما فعله الحسن #، واتهام ما فعله الحسين #، والمفرق بين الأئمة الهادين كالمفرق بين الأنبياء والمرسلين، وكثيراً ما ينشدون قول القائل، ويروونه إلى السيد العلامة محمد بن عبد الله الوزير |، والله اعلم بالصحة عنه: