[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $
  فطالت بالحسن المدة بعد الصلح عشر سنين وهو بالمدينة المشرفة، فاستثقل معاوية حياته #، فاحتال في سمه على يد زوجته جعدة بنت الأشعث، وبذل لها مائة ألف وتزويج يزيد ابنه، فوفى لها بالمال دون التزويج، فتزوجت في آل طلحة، فكان أولادها يعيرون فيقال لهم: يا بني مسممة الأزواج. قالوا: ولما احتضر قال: لقد سقيت السم ثلاث مرات، ما واحدة بلغت مني مبلغ هذه.
  ثم روي عن الحجوري عن أبي العباس الحسني # قال: دس معاوية السم إلى امرأة الحسن أسماء بنت الأشعث بن قيس، ووعدها مائة ألف وتزويج يزيد، فسقت الحسن # سماً في لبن، فمات بعد شهر، فوفى لها معاوية بالمال ولم يف بالتزويج، وقيل: إنه سقاه ثلاث مرات. ثم حكى عن الحجوري عن أبي العباس # قال: وبالإسناد(١) عن عمير بن إسحاق نحواً مما مر عن عمير برواية أبي الفرج، إلى أن قال: لئن كان الذي أظن فالله أشد نقمة له، وإن يكن بريئاً فما أحب أن يقتل بي بريء.
  وقد ذكر ذلك جماعة من أهل الأخبار والتاريخ - ولم نرد بالإكثار من هذه الأخبار إلا الرد على ابن حجر في صواعقه - أن الذي دس السم هو يزيد، مريداً بذلك تنزيه معاوية اللعين، وما ذكره من قوله: وبموته شهيداً جزم غير واحد كقتادة وفلان وفلان، يريد أن يجعل موته مسموماً غير متفق عليه؛ ملاحظة لما يدندن حوله من تنزيه معاوية عن تلك الحادثة والفاقرة العظمى بما معناه: أن سم الحسن # ليس معلوماً ولا متفقاً عليه، فإن صح فالفاعل يزيد وحاشا معاوية.
  فاحذر أيها الطالب تدليسهم قاتلهم الله، على أنه في موضع آخر دندن حول تزكية يزيد، وعده أحد الاثني عشر الخليفة الذين وردت فيهم الأحاديث، فذرهم وما يفترون. وقد اختلف في اسم زوجة الحسن التي سمته، فقيل: أسماء،
(١) لفظ المصابيح: وأخبرنا علي بن يزيد بإسناده، عن عمير بن إسحاق.