الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 247 - الجزء 2

  أمور الإسلام جملة والرجوع إلى عبادة الأوثان لفعل ذلك.

  ثم بعد أن قبض الله سبحانه وتعالى الحسن # إلى رحمته شهيداً سعى معاوية لعنه الله في عقد البيعة لولده يزيد وهو حي بمشورة المغيرة بن شعبة، كما ذكره ابن قتيبة، فلننقل ذلك من كلامه على سبيل الاختصار، قال: لَمَّا هَمَّ معاوية بعزل المغيرة عن الكوفة قدم الشام فدخل على معاوية فقال: يا أمير المؤمنين، ما لقيت هذه الأمة من الفتنة والاختلاف، وفي عنقك الموت، وأنا أخاف إن حدث بك حدث أن يقع الناس في مثل ما وقعوا فيه بعد قتل عثمان، فاجعل للناس بعدك علماً يفزعون إليه، واجعل ذلك ابنك يزيد، فكانت المبايعة لولده بالشام، وكتب بيعته إلى الآفاق، وكان عامله على المدينة مروان بن الحكم، فكتب إليه معاوية يأمره بجمع من قبله من قريش وغيرهم من أهل المدينة، ثم يبايعوا ليزيد، فلما قرأ مروان كتابه أبى من ذلك، وأبته قريش، فكتب إلى معاوية: إن قومك قد أبوا إجابتك إلى بيعتك لابنك يزيد فأرني رأيك. فعرف معاوية أن ذلك من قبله، فأبدله بسعيد بن العاص وأمره بذلك، وأن يكتب إليه بمن سارع إلى البيعة ممن أبطأ عنها، فكتب إليه: إن الناس بطاء لا سيما من بني هاشم، ولست أقوى عليهم إلا بالخيل والرجال، أو تقدم بنفسك فترى رأيك في ذلك.

  فكتب معاوية إلى عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر والحسين بن علي @ يأمرهم بالمبايعة لولده يزيد على يد عامله بالمدينة، وتهدد كلاً منهم بما تهدد، وأَلاَنَ في كلامه للحسين #.

  فأجابه كل منهم بكتاب، فأول كتاب ما أجابه ابن عباس وقد تهدده معاوية بالقتل، وأنه ليس معه من أمان فأجابه: والله ما منك يطلب الأمان يا معاوية، وإنما يطلب الأمان من الله رب العالمين، وما ذكرت من قتلي فوالله لو فعلت للقيت الله ومحمداً ÷ خصمك، فما أخاله أفلح ولا أنجح من كان رسول الله ÷ خصمه.