الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 258 - الجزء 2

  عليها أبو الدرداء كلمها في ذلك، وخيرها بين ابن رسول الله ÷ وبين يزيد، فردت الأمر إليه، فقال: إنما عليَّ إعلامك وعليك الاختيار لنفسك، فقالت: إنما أنا بنت أخيك ومن لا غنى بها عنك، لو أن هذا الأمر جاءني وأنت غائب عني أشخصت إليك فيه الرسل، واتبعت فيه رأيك، ولم أقطعه دونك، فقال لها: أي بنيه، ابن بنت رسول الله ÷ أحب إلي، وأرضاهما عندي، وقد كنت رأيت رسول الله ÷ واضعاً شفتيه على شفتي الحسين، فضعي شفتيك على موضع شفتي رسول الله ÷، فلما تزوجها الحسين قدم عبد الله بن سلام، فاتفق به الحسين وتلاطفا في الكلام، وظهر للحسين شدة حزنه على مفارقته زوجته وخديعته حتى طلقها، وقال: إن لي عندها ودائع بدر لؤلؤاً مصرورات، فذكر ذلك الحسين # لزوجته، وقال لها: إنه يحسن الثناء عليك فأدي إليه أمانته، وردي عليه ماله، فقالت: صدق، وإنه لمطبوع عليه بطابعه ما أخذ منه شيء، فلما بلغه مقالها فقال له: مرها ترسل به، فقال #: لا يقبضه إلا أنت، وأمره المضي إلى داره # وأمرها إخراج المال إليه بنفسها، فلما ناولته وجده كما وضعه لم يفك ختم صرة منها، ففتح أحدها وحثى لها من الدر حثيات، وقال لها: خذي هذا فهو قليل مني إليك. وشكر سعيها، واستعبرا جميعاً حتى استعلت أصواتهما بالبكاء أسفاً على ما ابتليا به، فقال الحسين #: اللهم إنك تعلم أني لم استنكحها رغبة في مالها ولا جمالها، ولكن أردت إحلالها لبعلها، اللهم اشهد أنها طالق ثلاثاً، فأوجب لي بذلك الأجر، وأجزل لي عليه الذخر، إنك على كل شيء قدير، وكان قد أمهرها مثل ما بذله معاوية مهراً عظيماً، فأمر عبد الله بن سلام أرينب إرجاعه إلى الحسين # مكافأة له، فأجابته إلى ذلك، فأبى الحسين # أن يقبله وقال: الذي أرجوه من الثواب على ذلك خير لي منه، وتزوجها عبد الله بن سلام، وبلغ الخبر إلى معاوية وما فعله أبو الدرداء فتعاظمه جداً، ولامه لوماً شديداً، وقال: من يرسل ذا بلاهة وعمى يركب في أمره خلاف