مساوئ يزيد بن معاوية:
  المدينة، وولاها عثمان بن محمد بن أبي سفيان الثقفي، وضم إليها ولاية الموسم بمكة، فرقى منبر مكة ورعف، فقال رجل مستقبله: جئت والله بالدم، وكان بها الحسين بن علي @، ثم خرج # وتوجه إلى مكة، فأمر عثمان بن محمد أن يركبوا كل بعير بين السماء والأرض ليطلبوه، ففعلوا ولم يدركوه، ثم قدم عثمان المدينة، وكانت لمعاوية أموال من أرض المدينة، فأقبل ابن ميثا يريد الأموال فمنع منها، وأزاحه أهل المدينة عنها، وكانت غلتها مائة ألف وسق وستين ألفاً، ودخل نفر من قريش والأنصار على عثمان بن محمد وقالوا: قد علمت أن هذه الأموال كلها لنا، وأن معاوية آثر علينا في عطائنا، ولم يعطنا قط درهماً فما فوقه حتى مضى الزمان ونالتنا المجاعة، فاشتراها منا بجزء من مائة من ثمنها، فأغلظ لهم عثمان في القول وأغلظوا له، فقال لهم: لأكتبن إلى أمير المؤمنين بسوء رأيكم وما أنتم عليه من كمون الأضغان القديمة والأحقاد التي لم تزل في صدوركم، فأجمع رأيهم على منع ابن ميثا القيم عليها، فكف عثمان بن محمد عنهم، وكتب إلى يزيد كتاباً قبيحاً، فلما وصل الكتاب إلى يزيد غضب غضباً شديداً، وكان عبد الله بن جعفر بدمشق، فأرسل إليه فدفع إليه الكتاب وقال: والله لأطأنهم وطأة آتي منها على أنفسهم، قال ابن جعفر فقلت له: إن الله لم يزل يعرف أباك في الرفق، فإن رأيت أن ترفق بهم وتتجاوز عنهم فعلت، فإنما هم أهلك وعشيرتك، وإنما تقتل بهم نفسك إذا قتلتهم، فلم أزل ألح عليه، فقال لي: إن ابن الزبير حيث قد علمت من مكة قد نصب الحرب، وإني موجه إليه الجيوش، وأمر صاحب أول جيش يتقدم أن يتخذ المدينة طريقاً، وأن لا يقاتل، فإن أقروا بالطاعة ونزعوا من غيهم وضلالهم فلهم علي عهد الله وميثاقه أن لهم عطاءين في كل عام، لا أفعله لأحد من الناس طول حياتي، عطاء في الشتاء وعطاء في الصيف، ولهم علي عهد أن أجعل الحنطة عندهم كسعر الحنطة عندنا، والعطاء الذي يذكرون أنه احتبس عنهم في زمن معاوية فهو علي أن أخرجه لهم وافراً