[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $
  كاملاً، فإن لبوا وقبلوا ذلك جازوا إلى ابن الزبير، وإن أبوا قاتلهم، ثم إن ظفر بها انهبها ثلاثاً، هذا عهدي إلى صاحب الجيش؛ لمكانك ولطلبتك فيهم، ولما زعمت أنهم قومي وعشيرتي. قال عبد الله بن جعفر: فرأيت هذا لهم فرجاً، فكتبت إليهم من ليلتي كتاباً أعلمهم فيه بقول يزيد، وأحضهم على الطاعة والتسليم والرضا والقبول لما بذل لهم، وأنهاهم أن يتعرضوا لجيوشه، وقلت لرسولي: أجهد السير، فدخلها في عشر، فوالله ما أرادوا ذلك ولا قبلوه، وقالوا: والله لا يدخلها عنوة أبداً، وكتب يزيد إلى أهل المدينة: ﷽، أما بعد: فإني قد نفستكم حتى أخلفتكم، ورفعتكم على رأسي ثم وضعتكم، وأيم الله لئن آثرت أن أضعكم تحت قدمي لأطأنكم وطأة أقل منها عددكم، وأترككم أحاديث تتناسخ كأحاديث عاد وثمود، فلا أفلح من ندم.
  فلما قرأ الكتاب عليهم أجمع رأيهم على الامتناع وعدم القبول، وأيقنوا أن جيوش يزيد واصلة إليهم جمعوا من بالمدينة من بني أمية وفيهم مروان بن الحكم وولده عبد الملك، فطلبوهم أن يخرجوا عنهم، فقالوا: الشقة بعيدة، ولنا عيال وصبية ولابد لنا مما يصلحنا، ونحن نريد الشام، فأنظرونا عشرة أيام، فأنظروهم إياها، وطلبوا منهم العهود والمواثيق لئن لقوا جيوش يزيد ليردونهم عنهم إن استطاعوا، فإن لم يستطيعوا مضوا إلى الشام، فحلفوا لهم على ذلك عند المنبر، ثم ارتحلوا عن المدينة، وهرب عثمان بن محمد، فجمع الناس عبد الله بن حنظلة |، وكان يلازم المسجد الشريف لا يبيت إلا فيه، وكان لا يزيد على شَرْبة من سَوِيق يفطر عليها إلى مثلها، فاجتمع إليه الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس، إنما خرجتم غضباً لدينكم، فأبلوا إلى الله بلاءً حسناً ليوجب لكم به الجنة ومغفرته، ويحل بكم رضوانه، واستعدوا بأحسن عدتكم، وتأهبوا بأحسن أهبتكم، فقد أخبرت أن القوم نزلوا بذي خشب ومعهم مروان بن الحكم، وأن الله مهلكه بنقضه العهد والميثاق عند منبر