الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 262 - الجزء 2

  رسول الله ÷، فتصايح الناس يسبون مروان ويشتمونه، فقال لهم: إن الشتم ليس بشيء، ولكن نصدقهم اللقاء، والله ما صدق قوم قط إلا نصروا، فبايعوه على الموت، ثم رفع يده إلى السماء وقال: إنا بك واثقون، وعليك متوكلون، وإليك ألجأنا ظهورنا، ثم نزل، فخندقوا على المدينة من كل نواحيها، فلما توجهت جيوش يزيد واتفق بهم الأمويون في ذي خشب، وذكروا لهم ما فعله أهل المدينة من إخراجهم منها، وعدم قبولهم طاعة يزيد وبيعته أمروهم أن يرجعوا معهم لقتالهم فامتنعوا عن الرجوع معهم، وقالوا: قد أعطيناهم العهود والمواثيق تحت المنبر لئن استطعنا لنردن الجيش عنهم فكيف بالرجوع إليهم! فقال مروان: أما أنا فراجع، والله إني ماض مع مسلم فمدرك ثأري من عدوي وممن أخرجني من بيتي، وكان معاوية أوصى يزيد وقال له: إن رابك منهم يعني أهل المدينة ريب أو انتقض عليك منهم أحد فعليك بأعور بني مرَّة مسلم بن عقبة، فدعا به فقال: سر إلى أهل هذه المدينة بهذه الجيوش، وإن شئت أعفيتك فإني أراك مدنفاً، فقال مسلم بن عقبة لعنه الله: أنشدك الله أن لا تحرمني أجراً ساقه الله إلي وتبعث غيري، فإني رأيت في النوم أن شجرة غرقد تصيح تقول أغصانها: يا ثارات عثمان، فأقبلت إليها وجعلت الشجرة تقول لي: يا مسلم بن عقبة، فأخذتها، فعبرت ذلك أن أكون أنا القائم بأمر عثمان، والله ما صنعوا الذي صنعوا إلا أن الله أراد بهم الهلاك، فقال يزيد: فسر على بركة الله، فلما كان توجه مسلم ومن معه من الجيوش من ذي خشب ومعه مروان بن الحكم وولده عبد الملك لعنهما الله تعالى سأل مسلم مروان عن عدد أهل المدينة وما صنعوا، فقال: عددهم كثير، ولكن لا بقاء لهم مع السيف، وليس لهم كراع ولا سلاح، وقد خندقوا عليهم وحصنوا، فقال مسلم: هذه أشدها علينا، ولكنا نقطع عليهم مشربهم، ونرد عليهم خندقهم، فقال مروان: عليه رجال لا يسلمونه، ولكن عندي وجه سأخبرك به، قال: فهاته، فقال: أطوه ودعه حتى يحضر، قال: