الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

شروط الإمامة:

صفحة 269 - الجزء 2

  قلت: وكلام صاحب شرح الفتح مما يقضى منه العجب؛ فإن قول الله تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى}⁣[يونس ٣٥] يدل بظاهره على أن من هَدَى إلى الحق الذي هو أحق أن يُتبع هو من يَهدي إليه دون من يُهدى إليه، فكيف ساغ له القول بأن اشتراط الاجتهاد مما لا دليل عليه من كتاب الخ؟ وأيضاً ففي السنة وصف الأئمة الهادين بقوله ÷: «أعطاهم الله علمي وفهمي» أخرجه المرشد بالله، وليس المقلد ممن أعطاه الله علم النبي ÷ وفهمه، فاقتضى أن الإمام لا بد وأن يكون مجتهداً، وأيضاً فقد حكى الإجماع في البحر وغيره على اشتراطه قبل الغزالي وغيره ممن يصحح إمامة المقلد، فقد قام الدليل من الكتاب والسنة والإجماع، اللهم إلا أن يقال: مسلم ذلك أي: اشتراط الاجتهاد مع وجود المجتهد، وكلامنا فيما إذا عدم المجتهد استقام قوله: إن اشتراط الاجتهاد الخ، على أنه قد نقض كلامه بأن قال: إن الإمام المطهر بن يحيى وولده محمد المهدي @ لم يكونا مجتهدين، واحتج للمسألة بأنهما ممن روي عنه جواز إمامة المقلد، فكيف ساغ له الاحتجاج بكلامهما ونقل خلافهما في المسألة مع كونهما مقلدين على زعمه؟ فإن المقلد لا يحتج بقوله، ولا ينقل خلافه. ولعل من خالف في اشتراط الاجتهاد لا يخالف في أنه لا بد في الإمام أن يكون عارفاً بما يحتاج إليه من المسائل الفقهية وإن أخذها تقليداً في ثبوت أدلتها لمن مضى من السلف الصالح من المجتهدين والعلماء والمفتين؛ إذ من البعيد أن يقول الإمام يحيى # وغيره من العلماء المحققين بصحة إمامة الجاهل الصرف؛ إذ لا قائل أنه لا يشترط العلم رأساً إلا الحشوية، ذكره عنهم في الأساس، وسيأتي تحقيق ما يحتاج إليه المجتهد من العلوم الدينية وطريقة العلم للمكلف بحصول ذلك فيه.