الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس على شروط الإمامة:
  عليه حقاً، وكل حق حجة واجبة الاتباع، ولما تقرر من أن النصوص على جميع ما يتعلق بأفعال المكلفين من العبادات والمعاملات لا تفي بجميع حوادث الدهور والأزمنة إلى منقطع التكليف، كيف وكثير من الحوادث إنما وقعت بعد مضي الصدر الأول من الصحابة ومن يلونهم من التابعين، فلم يبق إلى معرفة الحكم الشرعي فيها إلا القياس على ما قد نص عليه الشارع ~، وعلم من الكتاب أو السنة باعتبار استنباط واستخراج العلة المقتضية للحكم المنصوص عليه في الأصل المقيس عليه، فإذا نظرنا في الفرع وعلمنا أو ظننا وجودها في الفرع الذي لم نجد عليه نصاً في كتاب ولا سنة ولا إجماع ألحقنا حكمه بحكم الأصل المنصوص عليه، فهذا الدليل يثبت أن القياس أصل وحجة من أصول الشرائع وحججها التي تثبت بها الأحكام الشرعية، وهذا فيما كان يتعلق بالمسائل الشرعية.
  فأما المسائل الأصولية: كمسائل أصول الدين، فلا خلاف بين المتكلمين أن القياس هو الأصل المعتمد عليه والمتوصل به إلى معرفة الأحكام العقلية من حدوث العالم وافتقاره إلى الصانع المختار جل وعلا، وتوحيده وتنزيهه عن مشابهة الخلق وصفات النقص، وعدله وصدق كلامه، ونبوة أنبيائه، وقد أرشد الله الخلق إلى استعماله، وأكثر من الاحتجاج به على الكفار من أهل الإلحاد ومنكري المعاد، فقال عز من قائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} الآية [الحج ٥]، فنبه بهذا سبحانه إلى قياس إمكان الإعادة والبعث ووقوع ذلك لا محالة على خلق الناس من تراب، وتنقيلهم من النطفة إلى المضغة إلى العظام، وقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٣٩}[فصلت]، وقال: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[الأعراف ٥٧]، وقال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ