[فصل:] في الكلام في أن الإمامة محصورة في أهل البيت $
  (ومجملهما ومبينهما) فالمجمل: ما دلالته غير واضحة، والمبين بخلافه، قال في شرح الغاية: وإنما لم يقل «لفظ» ليعم القول والفعل، فلا يبطل عكس الحد بالفعل، فإنه قد يكون مجملاً، كقيام النبي ÷ من الركعة الثانية من غير جلوس للتشهد الأوسط؛ لتردده بين العمد الدال على جواز ترك الجلسة الوسطى، وبين السهو الذي لا دلالة له على الجواز. وقوله: «دلالته» يفيد(١) أن له دلالة، فيخرج المهمل؛ إذ لا دلالة له. وقوله: «غير واضحة» يخرج المبين لوضوح دلالته. انتهى.
  فعلم أن الإجمال والبيان يقعان في القول والفعل، مثال المجمل من القول قوله تعالى: {وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}[آل عمران ٥٠]، ومثال المبين منه قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}[المائدة ٩٦]، ومثال المجمل من الفعل: ما ذكره من القيام من الركعة الثانية، ومثال المبين منه: ترك التشهد الأوسط مع العمد لتركه(٢) بعد أن فعله، أو تقرير تاركه، فإنه يكون بياناً لكونه غير واجب. ولا بد أن يعرف سائر أحكام المجمل والمبين المذكورة في كتب الأصول، نحو: أن المبين إذا اقترن به ما يقتضي إجماله صار مجملاً، كقوله تعالى: {وَأُحِلَّتْ لَكُمْ الأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}[الحج ٣٠]، فإن قوله: {وَأُحِلَّتْ لَكُمْ الأَنْعَامُ} مبين؛ لأن دلالته على حل كل الأنعام واضحة، فلما اقترن به الاستثناء في قوله تعالى: {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} صار مجملاً، فلم يعلم بعده ما يحل منها وما يحرم حتى تبين بما عدا هذه الآية من سائر الأدلة.
  (وناسخهما ومنسوخهما) فالناسخ: هو ما دل على حكم شرعي لزم لذاته إزالة حكم سابق مثله مع تراخ بينهما ممكن معه العمل بالأول. فقوله: «ما دل».
(١) في شرح الغاية: يفيد.
(٢) «تركه» لعلها زائدة.