الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام في أن الإمامة محصورة في أهل البيت $

صفحة 313 - الجزء 2

  (ومجملهما ومبينهما) فالمجمل: ما دلالته غير واضحة، والمبين بخلافه، قال في شرح الغاية: وإنما لم يقل «لفظ» ليعم القول والفعل، فلا يبطل عكس الحد بالفعل، فإنه قد يكون مجملاً، كقيام النبي ÷ من الركعة الثانية من غير جلوس للتشهد الأوسط؛ لتردده بين العمد الدال على جواز ترك الجلسة الوسطى، وبين السهو الذي لا دلالة له على الجواز. وقوله: «دلالته» يفيد⁣(⁣١) أن له دلالة، فيخرج المهمل؛ إذ لا دلالة له. وقوله: «غير واضحة» يخرج المبين لوضوح دلالته. انتهى.

  فعلم أن الإجمال والبيان يقعان في القول والفعل، مثال المجمل من القول قوله تعالى: {وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}⁣[آل عمران ٥٠]، ومثال المبين منه قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}⁣[المائدة ٩٦]، ومثال المجمل من الفعل: ما ذكره من القيام من الركعة الثانية، ومثال المبين منه: ترك التشهد الأوسط مع العمد لتركه⁣(⁣٢) بعد أن فعله، أو تقرير تاركه، فإنه يكون بياناً لكونه غير واجب. ولا بد أن يعرف سائر أحكام المجمل والمبين المذكورة في كتب الأصول، نحو: أن المبين إذا اقترن به ما يقتضي إجماله صار مجملاً، كقوله تعالى: {وَأُحِلَّتْ لَكُمْ الأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}⁣[الحج ٣٠]، فإن قوله: {وَأُحِلَّتْ لَكُمْ الأَنْعَامُ} مبين؛ لأن دلالته على حل كل الأنعام واضحة، فلما اقترن به الاستثناء في قوله تعالى: {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} صار مجملاً، فلم يعلم بعده ما يحل منها وما يحرم حتى تبين بما عدا هذه الآية من سائر الأدلة.

  (وناسخهما ومنسوخهما) فالناسخ: هو ما دل على حكم شرعي لزم لذاته إزالة حكم سابق مثله مع تراخ بينهما ممكن معه العمل بالأول. فقوله: «ما دل».


(١) في شرح الغاية: يفيد.

(٢) «تركه» لعلها زائدة.