[فصل:] في الكلام في أن الإمامة محصورة في أهل البيت $
  فما جرى فيه الإبطال علم بطلان كونه العلة المقتضية للتحريم، وما لم يجر فيه الإبطال علم كونه هو العلة، فينظر في علة تحريم الخمر أن كونه مزيلاً للعقل مناسب للتحريم لأجل حفظ العقل الذي بزواله يرتكب الإنسان المقبحات، وتفوته المصالح، ويقع في المهالك، بخلاف كونه يقذف بالزبد أو كونه رائقاً فلا مناسبة في أيهما؛ إذ لا يترتب على ذلك شيء مما يترتب على زوال العقل، ولأنه قد حل لنا تناول ما عداه مما يقذف بالزبد أو كونه رائقاً، وبخلاف كون العلة هو مجموع الثلاثة الأوصاف؛ إذ قد حرم علينا ما لم يجتمع فيه الثلاثة الأوصاف كالحشيشة والبنج مع تقدير وجود نص فيهما، دون النبيذ مع تقدير عدم نص فيه، فإنا بعد هذا السبر والتقسيم والإبطال نعلم أن ليس علة التحريم في الخمر إلا كونه يزيل العقل، فنرد هذا الفرع الذي هو النبيذ إلى هذا الأصل الذي هو الخمر بتلك العلة الجامعة بينهما، فنحرم بعد ذلك كل مسكر، ونحلل ما عداه من سائر ما يقذف بالزبد والريقان.
  هذا، وقد اشترط في المجتهد أن يكون معه من علم العربية من النحو والصرف واللغة ما يتمكن معه من استنباط الأحكام الشرعية؛ لأن الكتاب والسنة الذين هما أصل مأخذ الأحكام الشرعية لما كانا باللسان العربية، وإنما تتم معرفة المراد من الخطاب بمعرفة أحوال الكلمات من كون الرفع علامة للفاعل ونحوه، والنصب علامة للمفعول ونحوه، والجر علامة الإفضاء بمعنى الكلمة إلى ما يليها، فاشترط لذلك معرفة علم النحو، ومن كون حروف الكلمة أصلية أو مزيداً فيها أو محذوفا منها شيء لإعلال أو نحوه، فاشترط لذلك معرفة علم الصرف، ومن كون الكلمة وضعت للدلالة على المعنى المراد وحده أو مع إتيانها لغيره، فاشترط لذلك معرفة علم اللغة، فلا بد أن يكون مجوداً في هذه الفنون الثلاثة ليتمكن من استنباط الحكم الشرعي. وزاد بعض العلماء معرفة علم البلاغة من المعاني والبيان والبديع، وبعضهم علم المنطق، والجمهور على