الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام في أن الإمامة محصورة في أهل البيت $

صفحة 318 - الجزء 2

  خلافه، لكن إذا كان له لمسة ومعرفة بهذين العلمين فهو أثبت وأولى؛ لأن العلم خير من الجهل بكل حال، وزين لصاحبه بأشرف الخصال.

  قلت: ولابد أيضاً أن تكون له لمسة ومعرفة بالسيرة النبوية على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، وكذلك سيرة الوصي #، وسير الأئمة الهادين بعده من عترة سيد الأنام صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً إلى يوم الدين؛ ليكون عارفاً بكيفية تدبير الحوادث المتعلقة بالجهاد ونحوه، ويتمكن من السيرة في الرعية على منهجهم القويم وصراطهم المستقيم، فهم قرناء القرآن، وحلفاء الإيمان، وتبصرة الحيران، ومغاث اللهفان، وهم سفينة نوح، وباب السلم المفتوح.

  (وأما الفضل) فلما لم يكن للعلم طريق بكونه أفضل أهل زمانه ثواباً عند الله وأعظم رفعة بعد الحسنين @ (فـ) ـاعتبر في ذلك (أن يكون أشهر أهل زمانه بالزيادة على غيره في خصال الإمامة)، فإن فرض التساوي في جماعة يصلح كل واحد منهم للإمامة (أو) كان الأشهر والأكمل غير مساعد لتحمل أعباء الإمامة لعذر أو زهادة، أو لاشتغاله بتدريس العلوم، وغيره يقوم مقامه في الإمامة كفى فيمن يقوم بالإمامة أن يكون (كأشهرهم) أي: أشهر المتساويين أو كأشهر الآخرين ولو لم يساو ذلك الذي اعتذر ولم يساعد للقيام، مهما كان هذا الذي سيقوم جامعاً لخصال الإمامة.

  (وأما الشجاعة) فلما كانت تتفاوت في الخلق وهي من الصفات الغريزية وربما تزايد بممارسة الحروب والقتال (فـ) ـاعتبر فيها (أن يكون بحيث لا يجبن عن لقاء أعداء الله) تعالى من الكفار والبغاة وأهل الشقاق (وأن يكون) عند التحام القتال ومنازلة الأبطال (رابط الجأش) أي: مستقر الخاطر والبال بحيث لا يندهش ويعمى عن حسن التدبير، ولا يعتريه الفشل فيكون منه الفرار لغير موجب أو مرجح للانتقال من محل إلى ما هو أحصن وأبعد عن تناول العدو، أو أيسر وأقرب