الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام في أن الإمامة محصورة في أهل البيت $

صفحة 319 - الجزء 2

  إلى الناس، وقد اختلف في القدر المحتاج إليه من الشجاعة في الإمام، والصحيح ما ذكره المؤلف، وهو الذي ذهب إليه الجمهور من العلماء (وإن لم يكثر قتله وقتاله) وفي الأزهار: «مقدام حيث يجوز السلامة»، وحكى شيخنا ¦ عن الناصر #: أن يكون معه من رباط الجأش ما يصون به أن تتحطم جيوش المسلمين عند لقاء العدو. وهو قريب من الأول. وعن الهادي # معنى الشجاعة: أن يخلط الصفوف، ويحمل على الألوف. قال بعضهم: وهذه الصفة لا توجد إلا في ثلاثة: على بن أبي طالب، وزيد بن علي، والهادي $.

  (وأما السخاء) فإنه محل نظر للإمام، ويختلف باختلاف الأحوال من المصلحة في البذل أو المنع، ووجود المال مع القلة أو الكثرة، وحصول المنفعة من المعطى، والمصلحة الراجعة إلى الدين من تأليف من به النصرة، أو تأمين الطرق، أو كف أذاه عن الإمام أو الرعية، أو مخاذلة العدو، أو نحو ذلك، وعلى الجملة (فـ) ـالواجب (أن يكون سخياً بوضع الحقوق في مواضعها) التي دل عليها الشرع واقتضاها نظر الإمام بحيث لا يبخل ولا يبذر في مال الله تعالى، وأما مال نفسه فلا كلام.

  (وأما جودة الرأي) وحسن التدبير (فـ) ـالواجب (أن يكون بالمنزلة التي يُرجع إليه عند التباس الأمور) فيكون عنده من فك المشكلات وقطع علائق المعضلات ما فيه الصلاح للمسلمين، والفلاح يوم الدين، ولم شعث المؤمنين، وصلاح ذات البين، ورضا رب العالمين، وإن لم يكن أشد الناس وأحذقهم وأدهاهم رأياً، وقد روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: والله ما معاوية بأدها مني، ولكن كل دهاية فجرة، وكل فجرة غدرة، ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة. والدهاية: أن يؤتى إلى الباطل على صورة ظاهرها الحق والصواب، كما في رفع معاوية لعنه الله المصاحف عند أن ضاق به الخناق لما أحاطت به جنود الوصي # وأنصار الله، فبذل التحاكم إلى الكتاب، ورفع المصاحف على