الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الطريق إلى معرفة أن الإمام على تلك الصفات المشروطة]

صفحة 322 - الجزء 2

  فاستعمل فيما يقع فيه الفكر والتأمل، من إطلاق اللازم على الملزوم؛ لما كان النظر طريقاً (إلى إثبات كونه) أي: إمام العصر الموجود فيه ذلك المكلف (على هذه الخصال) التي مر تعدادها؟ (فقل: أما كونه عالماً) فلا يخلو: إما أن يكون المكلف من الحاضرين بلد الإمام الذي قام ودعا فيه أو من الغائبين النائين عن بلده، فإن كان من الحاضرين (فيحصل العلم به) أي: بكونه عالماً (للعلماء) الحاضرين (بالمباحثة والمناظرة) للإمام في أبعاض المسائل العلمية من أصول وفروع وحديث وتفسير ونحو ولغة وصرف، فمتى كان عارفاً بما وقع فيه المباحثة والمناظرة وأدلتها وترجيحات ما اختلف فيه منها مهما لم يكن من مسائل المعاياة والمسائل الغريبة والمستغنى عن معرفتها فقد حصل القدر اللازم من العلم فيه، فتجب إجابته وطاعته، ولو احتاج في بعضها إلى تجديد نظر وبحث وتفتيش ومذاكرة غيره من العلماء حتى تتقرر المسألة لديه لا عن تقليد ومجازفة، (ويحصل لغيرهم) أي: لغير العلماء (من) سائر (الأَتْبَاع) العوام وأهل الالتماس ببعض المسائل الدينية ولم يبلغ درجة من يعد في العلماء، فإن هؤلاء يحصل (العلم) لهم (بكونه عالماً بوقوع الإِطْبَاق) من الكافة (والإجماع من العلماء) المحقين دون علماء السوء ومخالطي السلاطين، فلا اعتداد بمخالفتهم في كون القائم عالماً؛ إذ لو اعتبرناهم في هذا لأدى ذلك إلى القدح في إمامة الأئمة الهادين؛ إذ ما من إمام إلا وفي عصره من علماء السوء من يجحده العلم والصلاحية، ومن يميل إلى من بغى عليه، أو يقعد عن نصرته لعصبية أو عدم عطية، وقد قال تعالى في شأن الأنبياء $: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}⁣[الأنعام ١١٢]، فما بالك بحال الأئمة $، نسأل الله التوفيق والعصمة، فمتى وقع الإطباق والإجماع حسبما ذكر (على كونه كذلك) أي: عالماً على الجملة عند الكافة، مجتهداً عند العلماء المحقين ثبتت إمامته، ووجبت طاعته مع كماله في سائر