تتمة لمسائل الإمامة تشتمل على مسائل:
  أكمل وأنهض ولم يحصل الغرض بالأول، فإذا كان كذلك وجب تقديمه، وتنحي الأول له، وانضمامه إليه بالمعاضدة والنصرة وجمع الكلمة، وعدم شق العصا والاختلاف، وإما أن تتباعد الديار والأقطار والأقاليم، ويفصل بينها سلاطين الجور ونحوهم من أهل الفساد بحيث لا يمكن اتصال الكلمة وجمع الجميع على إمام واحد استمر كل منهما فيما هو فيه، ووجب على كل من الرعية إجابة من هو في بلده أو قطره أو إقليمه، فلا مانع من قيام كل منهما مع الموالاة والمحبة للآخر، وتحرير نية الاجتماع لو أمكن، وهذا لا ينافي قوله ÷: «إذا تعارض إمامان فاقتلوا الآخِر منهما»؛ لأنه لا معارضة على هذه الصفة، فيؤخذ بمنطوق الحديث فيما إذا اتصلت الديار ووقع الاختلاف والتعارض والتشاجر، ويؤخذ بمفهومه فيما إذا تباعدت الديار ولم يمكن اجتماع الناس على كلمة وإمام واحد؛ إذ لا تعارض ولا تشاجر حينئذ، كما كان في زمن الإمامين الهاديين المهديين: الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين @ في اليمن، والناصر للحق الحسن بن علي الأطروش @، وغيرهما ممن بعدهما من أئمة اليمن وأئمة الجيل والديلم، وهذا هو الموافق للقواعد والأصول، والأنسب بما فرضت الإمامة لأجله، وهو القيام بالشريعة المطهرة، وإقامة الحدود، وحفظ بيضة الإسلام ومعالم الدين، وحكى وقوع إجماع قدماء العترة $ عليه الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي $، فأما ما ذهب إليه بعض المتأخرين من أنه لا يصح إمامان في عصر واحد بكل حال فلا مأخذ له إلا اتفاق الصحابة أنه لا يصح ذلك، لكنه مبني على زمنهم ومقتضى حالهم من اتصال بلاد الإسلام على وجه يمكن معه إمام واحد، ولا خوض لهم ولا كلام يؤخذ عنهم فيما ذكرنا، وهو إذا تباعدت الديار على الوجه الذي لا يمكن معه الاتفاق على إمام واحد.