الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: إذا قام قائم غير كامل الشروط في ديار لم يكن فيها إمام]

صفحة 325 - الجزء 2

[مسألة: إذا قام قائم غير كامل الشروط في ديار لم يكن فيها إمام]:

  الثانية: إذا قام قائم غير كامل الشروط في ديار لم يكن فيها إمام قائم كامل، أو كان ولم يقم ولم يدع إلا أنه موجود صالح لها فلا يخلو حال ذلك القائم: إما أن يكون فاطمياً أو غيره، إن كان فاطمياً وكان ورعاً مدبراً، ومعه من العلماء والصلحاء من بهم تقوم الشريعة المطهرة وجب على الناس طاعته من باب الحسبة والتعاون على البر والتقوى، أو من باب الإمامة إن لم يفقد فيه سوى الاجتهاد، ويكون على القول بجواز إمامة المقلد، ولا أظن مخالفاً يخالف في وجوب طاعته والحال ما ذكر، سيما حيث يخشى تناول الأمر من ليس له بأهل من الظلمة وسلاطين الجور، فأما القطع بصحة إمامته أو بطلانها فلا ميل إلى أيهما، ولا ثمرة لذلك إلا في الحدود إن قلنا: إنه لا يصح إقامتها إلا ممن ثبتت إمامته، كمن إذا كان الحال ما ذكر من وجود العلماء المحقين العارفين بكيفية إقامة الحدود، فلا ينبغي تعطيل الحدود ونحوها لمجرد اختلال الاجتهاد في ذلك القائم والتردد في صحة إمامته؛ لأن وجوب إقامة الحدود قطعي، وإسقاطها لأمر مختلف فيه يؤدي إلى تعطيلها، ويؤول إلى ترك القطعي لأمر ظني، وهو لا يجوز. وأما إذا كان القائم غير فاطمي أو فاطمياً غير ورع، بل فاسق ظالم فيقطع ببطلان إمامته؛ لما تقرر من الأدلة على عدم صحة إمامة غير الفاطمي، وبطلان إمامة الفاسق والظالم كائناً من كان. ثم إن كان غير الفاطمي ورعاً مدبراً كان محتسباً، ووجبت طاعته وإعانته ونصرته في تنفيذ كل معروف واجب، وإزالة كل منكر، وليس له ولاية على قبض الزكوات ونحوها، بل ولايتها إلى المالك المرشد وولي غيره يصرفها في مصارفها، فإن منعها وجب على ذلك المحتسب إجباره على إخراجها، وفي أخذها منه كرهاً وصرفها في مصرفها إن لم يخرجها بالإجبار خلاف، فقال الأستاذ والفضل بن شَرْوِين والقاضي جعفر: يجوز، وقال غيرهم: لا يجوز؛ لأن شرطها النية.