تتمة لمسائل الإمامة تشتمل على مسائل:
  الطرف الثاني: تولي قبض الزكوات والأخماس وما يحتاج إليه الإمام من الجبايات، والقتال لمن لم يدخل تحت ولايتهم من الرعية، وتقويتهم بالمعاضدة والمناصرة فلا شك في تحريم ما هذا شأنه، والظاهر من الآية الكريمة الدلالة على ذلك، ولا وجه لقصرها على الركون إلى الكفار فقط، كما هو دأب علماء السوء؛ لأن اللفظ عام ولا وجه للتخصيص، بل قام الدليل على منعه، كقوله تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشورى ٤٢]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا}[الفرقان ١٩]، ولاشك أن مطالبة من لا ولاية له على الزكوات ونحوها ممن وجبت عليه، وإجباره على تسليمها تعدٍ وظلم، ثم تسليمها إلى الظلمة يقاتلون بها أهل الحق، وينفقونها في المعاصي، وفي غير مصارفها الشرعية ظلم آخر، وقد قال ÷: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة وأعوان الظلمة وأشباه الظلمة، حتى من برى لهم قلماً أو لاق لهم دواة؟ فيجمعون في تابوت من حديد ثم يرمى بهم في جهنم»، وقال ÷: «المعين للظالمين كالمعين لفرعون على موسى»، ذكرهما في شرح الأساس.
  الطرف الثالث: إذا غلب السلطان الجائر على أهل دار الإسلام ولم يكن معهم إمام يذب عنهم ويقاتلون العدو معه، فإن أمكنهم نصب محتسب يجمع شوكتهم ويلم شعثهم، ويدفع عنهم ذلك السلطان الجائر وجب عليهم نصب المحتسب وإعانته بالمال والرجال، ويجوز الاستعانة بخالص أموالهم وبما مصارفه المصالح، ولو أخذ ذلك كرهاً مهما لم تتم المدافعة إلا به، ولا يجوز لهم الاستسلام والدخول تحت طاعته اختياراً أو تثاقلاً عن قتاله وكف يده؛ لأن باستيلائه عليهم من المفسدة في الدين والدنيا ما يصغر عنده كل ما يقاسونه من الشدة وجمع المال والرجال لمدافعته؛ لأن بولاية الظلمة تنطمس رسوم الشريعة المطهرة، وتعطل الحدود والأحكام، وترتكب الفجور والآثام، وقد قال تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ٢٤