[فصل:] في الكلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المخوف
  ينص على وجوب اعتقاد ذلك، لكنه أدخله ضمناً في قوله: أدين الله تعالى الخ، قال في الأساس: يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إجماعاً، ومثله في شرحه أنه إجماع الأمة، وكذلك في منهاج القرشي حيث قال: ولا خلاف في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن اختلف في كيفيته: هل يجب بالقول والفعل أو بأحدهما. وكذلك حكى شيخنا ¦ في حاشيته عن المؤيد بالله والدواري وغيرهما أنه إجماع، وبه جزم المؤلف # في المختصر بقوله: لإجماع المسلمين على ذلك، لكنه يفهم منه أن الإجماع بالنظر إلى النهي عن المنكر فقط دون الأمر بالمعروف، فلا تصريح فيه بوقوع الإجماع عليه كما يظهر لمن تأمل كلامه الآتي، وحكى الإمام المهدي # في القلائد والشارح عن الحشوية أنهما لا يجبان مطلقاً، وعن الإمامية أنهما لا يجبان إلا مع وجود الإمام، ومثله ذكر شيخنا ¦ في السمط، وحينئذ فالرواية عن الحشوية مضطربة هل يجبان أم لا، ولعلهم يوافقون في وجوب ذلك بالقول فقط، ويخالفون في وجوبهما بالفعل والإكراه كما في بعض الروايات عنهم، وعليه يحمل ما حكاه عنهم من ذكرنا؛ جمعاً بين الروايات، والله أعلم.
  نعم، واختلف في الدلالة على وجوب ذلك هل عقلاً وسمعاً أم سمعاً فقط؟ فالذي عليه الجمهور من الزيدية والمعتزلة وغيرهم: أن ذلك سمعاً فقط. وقال أبو علي: إن ذلك يجب عقلاً وسمعاً. وقال أبو هاشم: لا يجب عقلاً إلا في صورة واحدة، وهي حيث يلحق الرائي للمنكر برؤيته غم وتضرر، فيجب دفع ذلك المنكر عقلاً لإزالة ما وقع في النفس من الضرر؛ لأن ذلك واجب عقلاً بلا إشكال.
  والدليل على ذلك من السمع أدلة كثيرة، منها ما ذكرها # بقوله: (لقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ})، وقوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ٧٨