[العقاب]
[العقاب]:
  والعقاب: هو المضار أو نحوها المفعولة على جهة الاستحقاق [بمقابل فعل المعصية. فقولنا(١): على جهة الاستحقاق] يخرج ما كان على جهة التعدي من المخلوق إلى غيره فإنه يقال له: ظلم، ولا يقال له: عقاب. وقولنا: «بمقابل فعل المعصية» يخرج الامتحان بالأمراض ونحوها الواقع بالمؤمنين ومن لا ذنب له، فلا يقال له: عقاب. وقد دخل في حد العقاب بجعل المضار أو نحوها جنس الحد ما إذا وقع العقاب في حق من ارتكب معصية لا تبلغ حد الكبر من المؤمنين بإحباط شيء من ثواب طاعاته، أو جائحة في بعض أمواله، فإنه لا مانع من أن ذلك عقاب(٢) على ما اقترفه من السيئة.
  لا يقال: بل قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا}[النساء ٣١] يمنع ما ذكرتم، ويستفاد منه عدم المؤاخذة بما عدا الكبيرة، فلا يسقط من ثواب طاعات فاعلها شيء.
  لأنا نقول: تكفير السيئة بإسقاط عقابها لا ينافي تنقيص ثواب طاعات فاعلها لما اقترفه من السيئة، ولا ينافي التنقيص أن يدخل بعد ذلك مدخلاً كريماً، وتكون أجزاء ثوابه أقل من أجزاء ثواب من لم يقترف مثل تلك السيئة، وإلا لزم استواء ثواب من أفرط في المعاصي غير الكبائر وثواب من لم يقترف شيئاً منها، أو لم يفرط فيها، والعقل يقضي بوجوب الفرق وعدم التسوية في الثوابين والإجلال والتعظيم، ومن هنا يُقضَى بوجوب الانزجار عن جميع المعاصي صغائرها وملتبساتها كما يلزم في الانزجار عن الكبائر؛ لأن في كل منها ضرراً(٣) على النفس وإن اختلف وجه الضرر، ولو كان الأمر كما ذكر السائل للزم
(١) ما بين المعقوفين زيادة لاستقامة الكلام ولعل هنا نقصاً من الشافي.
(٢) في المخطوطتين: عقابًا.
(٣) في المخطوطتين: ضرر.