الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الطاعة]

صفحة 341 - الجزء 2

  الإغراء بفعل ما لم يعلم كبره، وذلك باطل بلا إشكال.

[الطاعة]:

  مسألة: الطاعة: وهي فعل ما أمر به وجوباً أو ندباً مقتضية لاستحقاق الثواب بنفسها، وسلامتُها من الرياء والعجب والسمعة ومجانبة ما يحبطها من المعاصي شرط في الاستحقاق أو الإيصال. ويمكن جعل الثلاثة الأُوَل شرطاً في كونها طاعة، لا في نفس الاستحقاق أو الإيصال؛ لأنها لا تكون طاعة حتى تكون بريئة عنها ومجانبة لها، وأما مجانبة المحبطات من المعاصي فلا يمكن جعله شرطاً في كونها طاعة، ولا في الاستحقاق للثواب، وإنما هو شرط في إيصال الثواب برمته؛ بدليل الإجماع على صحة صلاة الفاسق وصومه وحجه، وأنها منه طاعة واجبة عليه، فلو جعلنا اجتناب الكبائر شرطاً في صحتها أو في وجوبها للزم أن لا تصح منه ولا تجب عليه.

  فإن قيل: فما الفرق في المعنى بين اشتراط اجتناب الرياء والعجب وبين اشتراط اجتناب المحبطات من سائر المعاصي، مع أن الكل مانع من وصول الثواب؟

  قلنا: الفرق من حيث إن الرياء والعجب يبطلان الطاعة من أصلها، أو يبطلان استحقاقها الثواب من أصله، بخلاف ارتكاب سائر المعاصي فإنه لا يبطلهما من الأصل، بل لموجب التنافي بين وصول الثواب والعقاب تعذر إيصال الثواب. وتظهر ثمرة الفرق: أنه إذا تاب عن المعاصي بقيت الطاعة وثوابها بجميع أجزائه ولم ينقص منه شيء، وإذا تاب عن الرياء والعجب لم يكن لذلك ثمرة إلا سقوط عقابهما دون إثبات الطاعة التي وقعت مقرونة بهما وجعلها في صحائف الحسنات واستحقاق الثواب عليها فلا؛ ولهذا قالوا: إن ترك الطاعة المقرونة بالرياء ولم تفعل إلا له أولى من فعلها، بل يجب تركها وفعل غيرها خالصاً، هذا مقتضى القواعد.