الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: أجمع المسلمون على دوام ثواب المؤمنين وعقاب الكافرين]

صفحة 345 - الجزء 2

  من العذاب على تلك المعصية؛ لأن شرعية ما لا يستحق من الإضرار في الحال ظلم؛ لأنه لا يستحق إلا في المآل، فيكون كإجبار الحاكم على تعجيل الدين الذي وقع التراضي عند المداينة على تأجيله، وذلك لا يجوز قبل حلول أجله، فتأمل.

[مسألة: أجمع المسلمون على دوام ثواب المؤمنين وعقاب الكافرين]:

  مسألةٌ: أجمع المسلمون على دوام ثواب المؤمنين وعقاب الكافرين الأخرويين سمعاً، وأجمعوا أيضاً على حسنه، وإن اختلفوا في الاستحقاق العقلي حسبما مر فلا خلاف بينهم في وقوع ذلك دائماً، إلاَّ ما يروى عن مقاتل بن سليمان وأصحابه من إنكار عقاب الكفار أو إنكار دوامه، قال شيخنا ¦: فإن صح فالإجماع قبله وبعده، [يعني]⁣(⁣١) منعقد على خلافه.

  ونقول: أما الاستحقاق فقد مر الكلام عليه.

  وأما الدوام: فهو معلوم من الدين ضرورة في حق المؤمنين والكفار، واستدلالاً في خلود الفساق في النار عند جمهور العدلية كما سيأتي، لكن ينبغي هاهنا معرفة وجه حسن الدوام عقلاً، فأما دوام الثواب فلا إشكال في حسنه عقلاً؛ لأن ذلك تكرم وتفضل وإحسان، ولا يستحق الدوام، ولا يجب عقلاً، لكن ثبت بوعد من لا يخلف الميعاد؛ لأن المستحق على الطاعة عقلاً إنما هو وقوع الإثابة المساوية لفعل الطاعة، فالزيادةُ إلى عشرة أمثالها أو أكثر، والدوامُ لَيْسَ إلا محض تكرم وتفضل وإحسان، وإلا لوجب الدوام على كل من صنع إليه معروف أن يكافي عليه دائماً أبداً، وذلك محال، ولا قائل به.

  وأما حسن دوام العقاب من جهة العقل فقد استشكله الإمام عز الدين # في شرحه على منهاج القرشي، وروى استشكاله عن بعض العلماء، وأكده بقوله أو معناه: إن المعصية سواء كانت كفراً أو فسقاً منقطعة، فكيف يستحق عليها


(١) «يعني» لا توجد في (ب).