الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: أجمع المسلمون على دوام ثواب المؤمنين وعقاب الكافرين]

صفحة 346 - الجزء 2

  عقاب على أبلغ العقاب، وهو النار على سبيل الدوام وعدم الانقطاع، مع كون المعصية لا تضره ø وإن بلغت في القبح والكفر أو الفسق أي مبلغ؟ ثم قال: فلا يسع المكلف إلا الإيمان بذلك والتصديق به على سبيل القطع وإن جهلنا وجه حسنه.

  هذا معنى كلامه # أو ما يقرب منه، وهو سؤال وإشكال وارد على أصول العدلية، فأما المجبرة فهم عنه في راحة لما أنكروا التحسين والتقبيح العقليين وقالوا: لا يقبح من الله شيء وإن قبح مثله في الشاهد.

  وما ذكره # من الإشارة إلى وجه الجواب عن هذا السؤال والإشكال من قوله: فلا يسع المكلف إلا الإيمان بذلك والتصديق به على سبيل القطع، فهذا جواب إجمالي، يعني أنه من جملة أفعال الله تعالى، وأفعاله تعالى كلها حكمة وإن جهلنا وجه الحكمة وحسن الفعل في بعضها، وهذا وإن كفى العدلي على سبيل الجملة فللجبري المناقشة والمناظرة عليه حتى يجاب عليه بجواب مقنع لا يبقى معه إشكال، وإلا صح للجبري أن يجعل ذلك أحد أدلته على صحة مذهبه في إنكار التحسين والتقبيح وثبوت الجبر وما يتفرع عليه من جميع مقالاتهم ومذاهبهم الباطلة، فإذاً لا بد من معرفة الجواب التفصيلي الإقناعي، ولم أجد من تعرض له وتعقب كلام الإمام # بحل ذلك السؤال وإزاحة ذلك الإشكال فينظر.

  ويمكن الجواب وبالله التوفيق أن يقال: إن الله تعالى لما أرسل الرسل À مبشرين ومنذرين، ونصب معهم المعجزات الدالات على صدقهم في كل ما أخبروا به دلالة لا يرتاب من نظر في تلك المعجزات مشاهدةً أو تواترت له في صدق خبرهم عن الله تعالى أنه وضع العقاب بالنار المؤبدة على من كفر به ø أو فسق بارتكاب ما حرمه قطعاً، فبعد هذا الخبر خرج الإضرار الدائم بمن تمادى إلى ما وضع العقاب الدائم على مرتكبه عن كونه ظلماً أو عبثاً أو غير مستحق؛ لأنه يصير مع نصب الأدلة على صدق المبلغ