الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:]

صفحة 359 - الجزء 2

  رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ}⁣[الدخان ٤٨]، جعل المصبوب عذاباً لا ماء ذا عذاب، نسأل الله السلامة من النار.

  (و) أدين الله تعالى (أنهم) أي: الكفار (مُخَلَّدون فيها أبداً) والخلود: البقاء الذي لا انقطاع له، والأبد: الزمن الغير المتناهي (ويلبسون ثياباً من نار) لما ذكر # في المسألة الأولى لباس أهل الجنة، ومر أنه من حرير وسندس وإستبرق ذكر في هذه المسألة لباس أهل النار أنه من نار (و) أنه (سرابيل القَطِران) والسرابيل: جمع سربال، وهو كالدرع والقميص ونحوهما مما يلبس. والقطران: معروف، يطبخ من أشجار مخصوصة كالأبهل والشربين. فيجتمع على المعذب لدغ القطران وشدة لهب النار، {وَلَهُمْ فيها مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ}⁣[الحج ٢١]، ({كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}) [النساء ٥٦]، نسأل الله السلامة، (وكل ذلك) المذكور في هذا الفصل من دخول المؤمنين الجنة ومصيرهم إلى ما ذكر من النعيم المقيم وخلودهم فيها، ودخول الكفار النار ومصيرهم إلى ما ذكر من العذاب الأليم وخلودهم فيها (معلوم من الدين ضرورة) لا ريب في ذلك، وهو إجماع المسلمين، وإن نقل عن مقاتل بن سليمان شيء في وعيد الكفار فقد اضطربت عنه الرواية، فقيل: إنما ينكر وعيد المسلمين دون وعيد الكافرين، وقيل: بل ينكر الوعيد على الإطلاق، والله أعلم. على أنه لا اعتبار بالخلاف المصادم لما علم من الدين ضرورة، كما لو فرض مخالف في وجوب الصلاة وصوم رمضان ونحو ذلك، فلا التفات إلى ما هذا حاله، بل المخالفة فيه كفر بما جاء به الرسول ÷؛ لأنه تكذيب له ÷ فيما أخبر.