الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة

صفحة 362 - الجزء 2

  بالعظم أوالكِبَر أو الغضب على فاعلها أو الفحش أو الإحباط أو نحو ذلك، وما عداه فملتبس.

  وقال القرشي في المنهاج وغيره من أهل الموازنة: بل الكبيرة⁣(⁣١) ما زاد عقاب صاحبها على ثوابه في كل وقت. قال: وقلنا: «صاحبها» ولم نقل: «فاعلها» لأن الكبيرة قد تكون من باب التروك. وقلنا: «في كل وقت» لأنه ربما يفعل طاعة يستحق عليها عشرة أجزاء من الثواب في كل وقت، ثم إذا لبث عشرة أوقات صار له مائة جزء من الثواب، فلو فعل معصية يستحق عليها أحد عشر جزءاً من العقاب في كل وقت لكانت كبيرة بالنظر إلى عشرة الثواب التي يستحقها في كل وقت، ولا عبرة بما اجتمع له في الأوقات الماضية، لأنه لا يستحق⁣(⁣٢) في كل وقت.

  قال: والصغيرة: هي ما يستحق صاحبها من الثواب في كل وقت أكثر من عقابها في كل وقت. والاحتراز ما تقدم.

  قلت: وهو كلام جيد، لكن قوله: «لا عبرة بما اجتمع له من الأوقات الماضية الخ» يحتاج إلى دليل، لأن المائةَ الجزء إذا اجتمعت له ولم يكن عليه من العقاب إلا دونها من الأجزاء فما المانع من سقوط الأقل وهو العقاب، ويبقى الأكثر وهو الثواب، فلا يكون صاحب الكبيرة؟ وكذا في العكس.

  وقيل: بل الكبيرة: ما توعد الله صاحبها النار بعينها. قال شيخنا ¦: وهو نص الهادي # في الأحكام في باب الكبائر من كتاب الزهد⁣(⁣٣).

  قلت: وهو أقوى الأقوال؛ لأن المعصية لو كانت صغيرة ما توعد صاحبها بالنار عليها، خلا أنه يمكن أن يقال: إن الوعيد عليها بالنار مشروط من جهة


(١) لفظ القرشي في المنهاج: الكبيرة هي ما يستحق عليها صاحبها العقاب في كل وقت أكثر مما يستحق من الثواب في كل وقت. تم ذكر ما ذكره المؤلف بعد الحد بلفظه.

(٢) في منهاج القرشي: لا يستحقه.

(٣) الأحكام ٢/ص ٤٠٨/ط: مكتبة أهل البيت (ع).