الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[المنزلة بين المنزلتين]

صفحة 364 - الجزء 2

  قال #: (فإن قيل) لك أيها الطالب الرشاد (: فما تدين به في أهل الكبائر سوى أهل الكفر؟) إنما قال: «سوى أهل الكفر» ليكون الكلام خاصاً بمن فعل هذه الكبائر أو شيئاً منها من المسلمين، دون من فعلها من الكافرين فلا كلام فيه فيما نحن بصدده، ولعله # إنما عدل عن التعبير بفاعل إلى أهل ليشير إلى أن هذا حكم المصر دون من صدرت منه على جهة الندرة وله طاعات كثيرة؛ بناء على الموازنة، ودون التائب، فإن الأول لا يعلم حكمه إلا الله تعالى؛ لجواز انقلابها في حقه صغيرة، بل قد قال الإمام القاسم بن محمد @ في الأساس: يجوز العقاب على بعض الكبائر في الدنيا فلا يعاقب عليها في الآخرة. والثاني: مقطوع بأنه من المؤمنين الناجين، (فقل:) أدين الله فيهم بأمرين: أحدهما: فيما يتعلق بهم من الأسماء الشرعية من معرفة ما يجوز عليهم منها وما لا يجوز. والثاني: فيما يتعلق بهم من معرفة مآلهم في الآخرة.

  وقد أفرد المتكلمون لكل منهما مسألة أو باباً أو كتاباً على حدته كما في المطولات.

[المنزلة بين المنزلتين]:

  المسألة الأولى: وتسمى مسألة: المنزلة بين المنزلتين. ومعنى المنزلة بين المنزلتين: الشيء بين الشيئين، لما كان لأهل الكبائر من هذه الأمة أسماء وأحكام بين أسماء المؤمنين وأحكامهم وبين أسماء الكافرين وأحكامهم، فأشار إلى ذلك # بقوله: فقل: (أُسميهم فُسَّاقاً) وقد صار هذا الاسم يعني اسم الفاسق عند المتكلمين حقيقة دينية فيمن ارتكب الكبيرة من هذه الأمة، وهو مأخوذ من الفسق، وهو في اللغة: الخروج عن القصد، يقال: فسقت الرطبة، إذا خرجت عن قشرها، وفسق عن أمر ربه، أي: خرج. وفي الشرع: ارتكاب معصية كبيرة لم يدل دليل شرعي على خروج صاحبها من الملة.