الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[صفة المؤمن وما يجب في حقه]

صفحة 446 - الجزء 2

(فصل:)

[صفة المؤمن وما يجب في حقه]:

  (فإن قيل) لك أيها الطالب الرشاد: (فمن المؤمن، وما يجب في حقه) من الأحكام الشرعية الثابتة له على سبيل الوجوب بأن تفعل له أو على سبيل التحريم أن تفعل به؟.

  واعلم أن هذا أصل عظيم من أصول الدين وأصول الشريعة، تتفرع عليه أحكام كثيرة دينية وشرعية، كيف لا وهو أعني الكلام في حقيقة المؤمن، وحقيقة الكافر، وحقيقة المنافق، وحقيقة الفاسق، وقد دخل في ذلك معرفة حقيقة الإيمان والكفر والنفاق والفسق لا يمكن النجاة إلا بفعل هذا وترك هذا، ولا يمكن فعل شيء على الوجه المطابق لما قرر الشارع، ولا تجنب شيء على الوجه المطابق لنهي الشارع إلا بعد معرفة الماهية المأمور بها أو المنهي عنها وحقائقها اللغوية والشرعية، ومعرفة هل استعمل الشارع ما أمرنا به أو نهانا عنه في معناه اللغوي أو نقله إلى معنى آخر شرعي، فما هو، وما حقيقته وماهيته؟ فمن ثمة أفرد كثير من الأصحاب لمعرفة الأسماء الشرعية ومسائل الإكفار والتفسيق في مؤلفاتهم كتباً وأبواباً وفصولاً، حققوا فيها كل مطلب بأدلته التفصيلية، ودققوا فيها كل مأرب ببراهينه الإقناعية، وكذلك علماء المخالفين خاضوا هذه الأطراف، وتكلموا فيها على ضروب من الوفاق والخلاف.

  ولم يقصر في معرفة ذلك إلا من أعمى التعصب على علم الكلام بصيرته، وقاده اتباع الهوى والأسلاف عن محجة هدايته إلى بنيان عمايته وضلالته، ولقد جرت المناظرة بين الحقير وبعض أهل العصر التاركين هذا الفن، فلم أجد له كلاماً سوى التسارع إلى ذم هذا الفن وأهله.

  فقلت له: هو الفن الذي به عرف توحيد الله وعدله وصدق نبوة أنبيائه.