الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: هل يجوز كفر لا يدلنا الله تعالى عليه؟]

صفحة 486 - الجزء 2

  من أقام في دار الكفر، فهو إثبات للإكفار بدلالة قطعية وإن كان إنما يتناول شخصاً معيناً بالظن، كما في إثبات الحدود، فإنها ثابتة بأدلة قطعية، وإن كان من أقيم عليه الحد إنما ثبت عليه بما يقتضي مجرد الظن وهو الشهادة أو الإقرار، وهذا فيمن لم يتميز حاله فتجرى عليه أحكام الكفر، وأما المعاداة والبراءة منه فلا تجوز إلا مع القطع بكفره. ثم لا بد مع كون الدليل قطعياً أن يكون سمعياً، فلا يثبت التكفير والتفسيق بالعقل؛ لأنه لا مجال له في إدراك الأسماء والأحكام الشرعية إلا بواسطة الشرع، وهو النص أو الإجماع على أن المعصية الفلانية كفر، قيل: والقياس القطعي، وهو ما نُصَّ على علته، وثبوت العلة في الأصل والفرع قطعاً، كأن ينص الشارع على كفر من كذب النبي ÷ في تحريم الخمر بكونه كذبه، فيقاس عليه من كذبه في تحريم الزنا، وهذا وإن كان في هذا المثال واضحاً جلياً فقد لا يطرد القياس، كمن كذبه ÷ في قوله: «كل ذلك لم يكن» حين سلم على ركعتين، إذا اعتقد أن الخبر كذب، لا إذا صرح بأن قال له ÷: كذبت، يعني عمداً فلا يبعد كفره، والله أعلم.

[التكفير باللازم والاستنباط]:

  وأما التكفير باللازم والاستنباط فهما أبعد من التكفير بالقياس الجلي؛ لإمكان دفع اللزوم وتطرق الخطأ إلى الاستنباط، فلا يجوز التكفير بهما ما لم يكن اللزوم قطعياً لا يمكن دفعه، كأن ينص الشارع على كفر من اعتقد مع الله تعالى ولداً، فيلزم منه تكفير من اعتقد معه صاحبة أو العكس.

[مسألة: هل يجوز كفر لا يدلنا الله تعالى عليه؟]:

  مسألة: اختلف المتكلمون هل يجوز كفر لا يدلنا الله تعالى عليه؟ وللمسألة طرفان:

  أحدهما: لا يدلنا الله تعالى على كون الفعل الفلاني كفراً وهو عنده تعالى كفر.