الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: في تكفير المجبرة]

صفحة 504 - الجزء 2

  قادر أو عالم أو حي لذاته لا بفعله تعالى، أو أثبت مع الله قديماً مستقلاً، أو اعتقد أن غيره تعالى يخلق ويرزق أو ينفع أو يضر بنفسه، لا إذا اعتقد أن الله سبحانه وتعالى يستجيب بالتوسل إليه بعباده الصالحين. وقد دخل في ذلك كفر من اتخذ الأصنام والأوثان أو الملائكة أو أحداً من البشر آلهة، أو عبد غير الله تعالى، وكفر اليهود والنصارى بقولهم: عزير ابن الله، المسيح ابن الله. ومن أثبت له سبحانه وتعالى صاحبة أو ولداً، ومن اعتقد في الأصنام أو الأوثان أو النجوم الضر و النفع بنفوسهما، فالكل كفر صريح، ولا إشكال فيه.

[مسألة: في تكفير المجبرة]:

  المسألة الخامسة: في تكفير المجبرة، وهم كل من قال: إن الله تعالى خلق أفعال العباد وأرادها منهم، وقضى بها وقدرها عليهم بمعنى: خلقها وأرادها، لا بمعنى علمها وقدر أحكامها وكتبها فالكفر يكون في إنكار ذلك كما يذهب إليه من قال: إن الأمر أُنُف، وإن الله تعالى لا يعلم الأشياء إلا عند حدوثها.

  واعلم أن القائلين بأن الله تعالى خلق أفعال العباد وشاءها منهم فريقان:

  أحدهما: المشركون الخارجون عن الدين من الأمم الماضية ومن عاصر النبي ÷ منهم، كما حكى الله تعالى عنهم ذلك بقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}⁣[النحل ٣٥]، {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَانُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ}⁣[الزخرف ٢٠]، {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ}⁣[الأنعام ١٤٨]، فهؤلاء كفار كفر تصريح لشركهم، ثم قولهم بالجبر وأنه