[مسألة: في تكفير من أنكر النبوة]
  المجبر، فالشاك في الجبر، بأن تردد بين قول العدلية: أن أفعال العباد منهم، وبين قول الجبرية إنها من الله تعالى هو أبعد عن التكفير.
  نعم، زعم الإسكافي وجماعة من المعتزلة أن الشك في كفر المجبرة والمشبهة كفر، والشك في كفر الشاك الثاني ثم الثالث فالرابع مختلف فيهم فيما بينهم، وهذا من الغلو والإفراط، والقول بما ليس به علم، أين الدلالة على كفر المجبر فضلاً عن الشاك في العدل والجبر في ذاتهما، فضلاً عن الشاك في كفر الشاك، فضلاً عن مجاوزته عن الثالث فالرابع، وقد قال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}[الإسراء ٣٦]؛ ولهذا قال الإمام المهدي # وهو ممن يكفر المجبرة بعد حكايته قول البصرية: إن صوبهم الشاك فنعم يكفر، وإن خطأهم فلا يكفر؛ إذ دليل كون الذنب كفراً سمعي، فقال # بعد ذلك: قلت: أو لو تردد في خطأ المجبرة فلا يكون كافراً.
  فانظر رحمك الله تعالى إلى ورع أئمة الهدى من آل محمد ÷، وكيف لا وهم قرناء الكتاب، وأمناء هذه (الأمة) من نزول العذاب.
[مسألة: في تكفير من أنكر النبوة]:
  المسألة السادسة: في تكفير من أنكر النبوة، وهو من كفر التصريح، وقد أشار # إلى ذلك بقوله: (أو جحد رسل الله) رأساً كالبراهمة، فإنهم ينكرون النبوة من حيث هي كما مر ذلك في باب النبوة، (أو جحد واحداً منهم) كاليهود والنصارى، فإنهم يؤمنون ببعض الأنبياء $ ويكفرون ببعض، فاليهود كما حكى الله تعالى عنهم: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ}[المائدة ٧٠]، والنصارى يكذبون بنبوة محمد ÷، فمن كذب الرسل أو أحدهم (أو شك فيهم) أي: في نبوتهم أو نبوة أحدهم فإنه كافر تصريح، وذلك إجماع بين المسلمين،