[المناصفة بين المظلومين والظالمين]
  صبي ولا مجنون لما دلت عليه الأدلة أن الصبي والمجنون يصيران إلى الجنة وإن لم يكونا في منزلة المكلفين من أهل الجنة. قال #: (وكل ذلك) الذي مر ذكره (معلوم من ضرورة الدين) وقد أسمعناك أيها الطالب الرشاد الآيات الصريحات بذكر كل واحد مما مر من كتاب الله المبين، ومن أحاديث سنة سيد المرسلين، فيجب على المكلف الإيمان بجميع ما ذكر إجمالاً فيما أجمله القرآن، وتفصيلاً فيما فصله أو وردت به سنة متواترة.
[المناصفة بين المظلومين والظالمين]:
  (و) كذلك يجب عليه العلم والإيمان (أنه) أي: الشأن (لابد من المناصفة بين المظلومين والظالمين) فيؤخذ للمظلوم مؤمناً كان أو فاسقاً أو كافراً ممن ظلمه كذلك، لكن لا يتأتى أن يكون الظالم مؤمناً إلا إذا وقعت منه الجناية خطأ أو قد تاب عنها، وقد مر حكاية الخلاف بين أهل العدل من أئمتنا $ وغيرهم إذا وقعت الجناية من المؤمن خطأ أو عمداً وقد تاب عنها، ولم يكن قد تمكن من الاستحلال عنها من المجني عليه حتى تحلل عنها منه في الدنيا، فقيل: يتفضل الله عن الخاطاء والتائب بما يكون جبراً لجناية المظلوم، وقيل بل يؤخذ من أعواض آلامه أو من أحد نوعي الثواب وهو التنعيم فيحط منه بقدر الجناية، دون التعظيم فلا يحط منه شيء، وقيل: يجوز الأمران، على حسب ما مر تفصيله في باب العدل في فصل الآلام، والذي يلزم هاهنا هو الإيمان بوقوع التناصف يوم القيامة على الجملة؛ (لدلالة العدل) على ذلك (بيقين)؛ لأنه تعالى لو لم ينصف للمظلوم ممن ظلمه ولم يفعل ما يقوم مقام الإنصاف، وهو التفضل عن الخاطاء والتائب ويوصله إلى المظلوم زيادة في نعيمه وتخفيفاً من عقابه عند القائلين بذلك، أو يخبر بزيادة عذاب الجاني فقط إن كانا من أهل النار معاً عند الهادي # ومن معه لم يكن عدلاً حكيماً، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.