الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[من أحوال الآخرة: النقر في الناقور وخروج الدابة]

صفحة 588 - الجزء 2

[من أحوال الآخرة: النقر في الناقور وخروج الدابة]:

  ومن أحوال الآخرة النقر في الناقور وخروج الدابة، وقد نطق بذلك الكتاب المبين، وأصل الناقور في اللغة: آلة شبه الطبل ونحوه يضرب لاجتماع القوم، قيل: وهو في الآخرة عبارة عن صوت يحدثه الله تعالى لاجتماع الخلق، وهو المراد بقوله تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}⁣[ق ٤١]، وقوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ}⁣[القمر ٦]، وقيل: هو النفخة الأولى، وقيل: النفخة الثانية. ولا مانع من حمله على الحقيقة، والله أعلم.

  وأما خروج الدابة: فقد روي أنها تخرج ثلاث خرجات، تخرج بأقصى اليمن ثم تتكمن، ثم تخرج بالبادية ثم تتكمن دهراً طويلاً، فبينا الناس في أعظم المساجد حرمة وأكرمها على الله فما يهولهم إلا خروجها من بين الركن حذاء دار بني مخزوم عن يمين الخارج من المسجد، فقوم يهربون وقوم يقفون نظارة. وقيل: تخرج من الصفا، فتكلمهم بالعربية بلسان ذَلْق (فتقول:) {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ ٨٢}⁣[النمل]، قال في الكشاف: قولها⁣(⁣١) حكاية لقول الله تعالى [أو على معنى: بآيات ربنا]⁣(⁣٢) أو لاختصاصها بالله وأثرتها عنده وأنها من خواص خلقه أضافت آيات الله إلى نفسها، كما يقول بعض خاصة الملك: خيلنا وبلادنا، وإنما هي خيل مولاه وبلاده، وقيل: تقول لهم: يا فلان، أنت من أهل الجنة، ويا فلان، أنت من أهل النار، وقد روى في الكشاف من أوصافها وأحداثها عند خروجها أشياء بصيغة التمريض، فالله أعلم بالصحة، فيجب الإيمان بخروجها وتكليمها الناس، وإجمال ما أجمله القرآن، والله أعلم بالتفصيل.


(١) قال في الكشاف: فان قلت: إذا كانت حكاية لقول الدابة فكيف تقول: بآياتنا؟ قلت: قولها حكاية الخ.

(٢) ما بين المعقوفين من (الكشاف).