الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة تحصيل الحاصل]

صفحة 123 - الجزء 1

  وثمرةُ القول الأول: عدمُ لزوم تعجيز الله تعالى عن فعل شيء، ووصفُهُ تعالى بشمول قادريته على كل شيء.

  وثمرة القول الثاني: تنزيهُ الله تعالى عن تجويز مشارك له في خلقه الأجسام والأعراض الضروريات، التي هي الألوان والروائح والحياة ونحوها، وأن أفعال العباد المعلوم صدورها منهم لا يصح أن تكون من فعل الله تعالى، وأما أنها مقدورة له وهو قادر عليها لو أراد أن يفعلها فلا يختلف في ذلك اثنان. فعلمت بهذا حُسْنَ مقصد الجميع، وهي الملاحظة لتأكيد قواعد التوحيد والعدل وحراستها عن المناقضة، فهم سلام الله عليهم سفن النجا ومصابيح الدجى.

[مسألة تحصيل الحاصل]:

  وأما الطرف الثالث: وهو تحصيل الحاصل، فقد علم مما مر، ولا خلاف في إحالته، ولا يلزم منه تعجيز الباري تعالى؛ لأن مَن فَعَلَ شيئاً لا يقال له عاجز عنه، بل قادر عليه، فيوصف سبحانه وتعالى بأنه قادر على خلق السماوات والأرض، بمعنى أن صدورهما عنه تعالى على وجه إن شاء فعل وإن شاء ترك، وأنَّه قادر على إعدامهما بعد وجودهما، لا بمعنى تحصيلهما بعد حصولهما؛ لأن ذلك تحصيل حاصل، وتحصيل الحاصل محال، فلا يقال فيه قادر ولا عاجز؛ لأن كلا الوصفين متفرعان على الإمكان، وهو غير ممكن.

  وثمرةُ القول بأن تحصيل الحاصل محالٌ: هي إبطالُ زعم مَن يُسند بعض أفعال الله تعالى إلى غيره من الأولياء أو الجن أو الملائكة أو الأصنام أو العلل أو الطبائع. فعَلِمَتَ أن الجميع مِن أهمِّ المسائل وأنفعها، وأنه لا خلافَ متحققٌ بين الأئمة $ يعودُ إلى المعنى المخل بقواعد التوحيد والعدل، وكيف يَتَأَتَّى ذلك في خَلَدِ عاقل وقد جعلهم الله تعالى قرناء الكتاب، وأماناً لهذه الأمة من نزول العذاب!