فصل: في الكلام في أن الله قديم
فصل: في الكلام في أن الله قديم
  وأن ما ثبت له تعالى من الصفات الأربع: من أنه تعالى موجود وقادر وعالم وحي، ليست لفاعل، ولا لسبب، ولا لعلة، ولا لمعنى، ولا لمقتضى، ولا لشيء غير ذاته تعالى؛ لأن إثبات شيء سوى ذاته تعالى ينافي توحيده.
  قال #: (فإن قيل لك) أيها الطالب الرشاد: (أربك قديم؟) وحقيقة القديم في أصل اللغة: ما تقادم وجوده، كقولهم: بناءٌ قديم ورسم قديم، ومنه قوله تعالى: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}[يس ٣٩].
  وفي الاصطلاح: ما ذكره # بقوله: (فقل: هو موجود لا أَوَّلَ لوجُودِه) وإنما لم يقل: «فقل: نعم» أو «فقل: هو قديم» كما في غير ذلك مما مرَّ لأن الغالب في استعمال لفظة «قديم» هو الحقيقة اللغوية، فلا يفيد المراد مما عقد له هذا الفصل، وهو أنه تعالى غيرُ محدث، فقال: «هو موجود لا أول لوجوده» ليفيد أنه إن وقع السؤال عن اتصافه بقديم لغة فلا، وإن وقع السؤال عن اتصافه تعالى بقديم اصطلاحاً فنعم.
  وهذا الدليل مبني على أصلين: أحدهما: أنه تعالى موجود. والثاني: أنه تعالى لا أول لوجوده. فيلزم منهما أنه تعالى قديم.
  أما الأصل الأول - وهو أنه تعالى موجود - فاستغنى المؤلف # عن ذكر دليله إما موافقة للجمهور من أئمتنا $ ومن وافقهم أن ذلك معلوم ضرورة بعد إثبات أنه الصانع المختار، وإما تفخيماً لشأنه تعالى عن الاشتغال بأدلة ذلك في حقه تعالى.
  والموجود لا حد له؛ لأنه من البديهيات الجلية، ولا تحد إلا الأمور الاكتسابيات الخفية. خلافاً للبهاشمة ومن وافقهم في إثبات الذوات في حالة العدم وجعل الوجود أمراً زائداً على ذات الموجود، فإنهم لما ذهبوا إلى ذلك