فصل: في الكلام في أن الله تعالى لا يشبه الأشياء
فصل: في الكلام في أن الله تعالى لا يشبه الأشياء
  ولا يجوز عليه ما جاز عليها من الزيادة والنقصان والعدم والبطلان.
  اعلم أولاً أن بين المشابهة والمماثلة عموم وخصوص؛ فالمشابهة: اتفاق الذاتين في صفة من صفات الذات مع الاتفاق في الوجه الذي اشتركا فيها لأجله.
  والمماثلة: الاتفاق في كل الصفات كذلك(١).
  قلنا: «مع الاتفاق في الوجه الذي اشتركا فيها لأجله» للاحتراز عن نحو قادر وعالم وحي وغيرها مما يتصف به الباري تعالى ويتصف به المخلوق، فإن ذلك لا يوجب المشابهة؛ لأنها تثبت للباري تعالى لذاته كما مر، وفي المخلوق لأجل المعنى القائم به كالقدرة والعالم والحياة.
  وقلنا في أول الحد: «في صفة من صفات الذات» للاحتراز عن صفات الفعل فلا مشابهة بها. فالمشابهةُ أعم؛ لأنها تكون بصفة من صفات الذات أو بكل صفات الذات، والمماثلةُ أخص؛ لأنها لا تكون إلا بكل صفات الذات؛ فمن ثَمَّ يقال في الْمِثْلَينِ: هما كل معلومين يسد أحدهما مسد الآخر، ولا يقال في المتشابهين كذلك، ففي قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى ١١] نفي الأمرين معاً المشابهة والمماثلة، ولعل أن ذلك هو السر في الجمع بين الكاف ولفظة المثل؛ لينتفي الجميع، والله أعلم.
  قال #: (فإن قيل) لك أيها الطالب الرشاد (: أربك يشبه الأشياء؟ فقل: ربي لا يشبه الأشياء،) فليس بجسم ولا عرض ولا جوهر، وهذا مذهب جميع العترة الطاهرة ومن وافقهم من الزيدية والإمامية والمعتزلة والأشعرية والخوارج وكثير من الفرق الداخلة في الإسلام والخارجة عنه، والخلاف في ذلك مع المجسمة الحشوية والكرامية والنصارى.
(١) أي: مع الاتفاق في الوجه الذي ... الخ.