الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[خطبة المؤلف]

صفحة 21 - الجزء 1

  

  وبه نستعين وهو حسبنا ونعم الوكيل

[خطبة المؤلف]

  الحمد لله الذي أنشأ أصناف الموجودات، وجعلها دليلًا على ربوبيته وانفراده بأزليته، وألزمها إمكان الزيادة والنقصان لإقامة الحجة على إحداثه لها، وجواز فنائها باقتداره ومشيئته، ووسمها بالأعراض المختلفات والمتشابهات؛ ليرشد قلوب العارفين أنه لا يشبه شيئاً من بريته، الحي الذي يعلم ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما، وكل شيء عنده بمقدار، السميع البصير الذي يدرك خفيات الأصوات، ويشاهد ما في قعور البحار وما تحت كثيفات الأستار، المتعالي عن إدراكه بالأبصار، والمتقدس عن توهمه بالأفكار، القريب إلى خلقه بتدبيره إياهم حسبما يريد، والرقيب على ضمائر الصدور وهو أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة صادرة عن محض الإيقان، ناطقة بأفصح البيان، مقرونة بأعظم البرهان، الواحد الأحد في قِدمه بلا ثان، والفرد المتفرد بوجوب بقائه بلا حاجة له إلى شيء من المعاني، سبحانه هو الغني عما سواه على الإطلاق، وهو الذي خلق الموت والحياة، وقدر القدرة والدراية في خلقه على وَفْق الحكمة والاتساق، فكيف يقال بقدم شيء من هذه الأوصاف المختلفة الماهِيَّات، والمتشابهة الكيفِيَّات، والمخلوقة الآنيات، وتجعل قائمة بذات باري البريات، تعالى عما يقوله الجاهلون وإن توهم ذلك وزخرفه المبطلون، وأشهد أنه العدل الحكيم الذي لا يقضي بالفساد، ولا يريد