الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل] في الكلام أن الله واحد وأنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى

صفحة 296 - الجزء 1

[فصل] في الكلام أن الله واحد وأنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى

  وهذه المسألة آخر مسائل التوحيد، وَبِها سُمي علم التوحيد، لكنه أطلق على سائر مسائل التوحيد التي مَرَّ ذكرها لما كان جميع ذلك لا يكمل الإيمان بالله تعالى ويُعَد الإنسان موحداً إِلا بمعرفةِ الجميع، فَأطلقَ على الجميع علمُ التوحيد؛ فهو اصطلاحُ عرفي خاص.

  والتوحيدُ في أصل اللغة: مَصْدر وحَدْتُ الشيءَ أُوَحِّده، إذا جعلته واحداً بالقول، كوحَّدْتُ الله، أو بالفعل، كوحدت الشجرةَ، إذا قطعت جميع أغصانها ولم تُبق إلا واحداً، فإن أبقيتَ الخيارَ من الأغصانِ كان تَهذِيباً.

  وهو في العرف المصطلح عليه بين علماء الكلام: العلمُ بالله تعالى وما يجب له من الصفات والأسماء وما لا يجوز عليه منها.

  والواحدُ في أصل اللغة: أَوَّلُ مراتبِ العدَدِ، يقال: وَاحدٌ اثْنانِ إلى ما بعده، وهذا لا يجوز إِطلاقه على الله تعالى بهذا المعنى؛ إذ لا مدح فيه، ولا يجوز على الله تعالى إِلا مَا تضمَّن مدحاً، قال أَميرُ المؤمنين #: واحدٌ لا بِعدَد، قائمٌ لا بعمد، دَائمٌ لا بأبد.

  وَيطلقُ الواحدُ على الجوهر الفرد، وهو الذي لا يتجزأ، وهذا لا يجوز إِطلاقُه على الله تعالى؛ لعدم تضمن المدح، ولِأنه في نهاية الحقارة، خلافاً لأبي علي فَأجازه على الله تعالى نظراً إلى أن كونَه لا يَتَجزأُ صفةُ مدح، وهي صادقة عليه تعالى.

  قُلْنَا: مَع مشاركةِ الجوهر الفردِ له تعالى في ذلك الوصف فلا مدح.

  وُيطلق على المتصف بِصفات الكمال على وجه تقل المشاركة له فيها، يقال: فلانٌ واحدُ عصره، ووحيدُ دهرِه، وهذا أيضاً لا يَجوزُ إطلاقه على الله تعالى؛ لإفادته المشاركة وإن كانت على وجه القلة فَذلك لا يجوز.

  ويطلق على المتصف بِجميع صفاتِ الكمال على وجهٍ يَستحيلُ أنْ يُشَاركَه