الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الرحمن الرحيم]

صفحة 34 - الجزء 1

  وقيل: من التَّأَلُهِ، وهو التعبد، وحكاه أيضاً عن القاسم #.

  وقيل: من الوَلَهِ⁣(⁣١)، وهو التحير؛ لأن العقول تتحير في كُنْهِ ذاته تعالى، قال مولانا الحسين بن القاسم @: وأصله الإلاه، حذفت الهمزة وعوض عنها حرف التعريف تخفيفاً؛ ولذلك لزمت. وذهبَ والدُه الإمام القاسم بن محمد - قدس الله روحه - في الأساس، وحكاه الشارح عن الجمهور إلى أنه غير مشتق ولا منقول، قال سيدي العلامة الوجيه عبد الكريم بن عبد الله ¦: وهو المختار؛ إذ ما سواه يحتاج إلى وحي.

  وقال النحاة: بل هو عَلَمٌ. قال في الأساس: قلنا: العَلَم وُضِعَ⁣(⁣٢) لتمييز الذات عن جنسها، والله تعالى لا جنس له، إلى آخر كلامه #.

  قلت: وأيضاً فإن الأعلام لا تدل على زيادةٍ على تمييز الذات عما سواها؛ ولهذا إذا كان الاسم مشتقاً من معنى يدل عليه كصالح وهاد، ثم وضع عَلَماً لذاتٍ - صَارَ كأنه قد تُنوسِيَ فيه ذلك المعنى، ونُزِّلَ منزلة الأسماء الجامدة، كبكر وهند ونحوهما، وقد علمنا أن هذا الاسم الشريف متى أطلق فهمت منه تلك الصفات الحميدة.

  قالوا: هو من الأعلام الغالبة التي بَقِيَ ملحوظاً فيها معنى ما اشتقت منه كالحارث والصعق.

  قلنا: كان يلزم جواز إطلاقه على غير الله قبل الغلبة، ولا قائل به.

[الرحمن الرحيم]:

  والرحمن الرحيم: صفتان مشتقتان من الرحمة، وإطلاقهما على الله تعالى مجاز؛ لأن معناهما الحقيقي: الحنو والرأفة، ويلزم منهما⁣(⁣٣) فعلُ جلبِ النفع ودفع المضار ممن


(١) الوَلَهُ: ذهاب العقل والتحير من شدة الوَجْد. (مختار).

(٢) في الأساس: يوضع.

(٣) أي: الحنو والرأفة.