الأدلة العقلية على أن أفعال العباد منهم
  من العبد أو من الله تعالى؟ وذهب أبو الحسين البصري والإمام الشرفي # ورواه شيخنا | للأمير المؤلف ويفهم من بعض كلامه الآتي في المختصر أن كون أفعال العباد منهم معلوم بالضرورة لا مجال للشك فيه؛ لأن(١) العقلاء يعلمون بعقولهم حسن الأمر بها والنهي عنها والترغيب والترهيب والمدح والذم، قال: والمجبرة يعلمون ذلك، لكن جحده علماؤهم ميلاً إلى الهوى، وتعصباً للأسلاف، وميلاً إلى الرئاسة، وتقرباً إلى السلطان، إلى آخر ما ذكره القرشي عنه في المنهاج.
  قلت: لكن قوله: «لأن العقلاء يعلمون بعقولهم حسن الأمر بها والنهي عنها إلى آخره» هو نفس الدليل على كونها منهم استدلالاً لا ضرورة وإلا لما احتاج إليه، فالأولى أن يقال: لأن كل عاقل يعلم من حال نفسه ضرورة أنه فاعل لفعله قبل أن يقرع سمعَه اختلاف المتكلمين في هذه المسألة، وهذا أمر لا يناكر فيه أحد إلا مكابر.
الأدلة العقلية على أن أفعال العباد منهم
  وأما المؤلف # فقد أتى في المختصر بما يدل على أن كون أفعال العباد منهم معلوم ضرورة وبما يدل على أن ذلك استدلالٌ فقط:
  فالأول قوله: (كيف يأمرهم بفعل ما قد خَلَقَ وأمضى، أو ينهاهم عن فعل ما قَدْ صَوَّرَ وقضى) فإن صدور مثل ذلك من أحد العقلاء من أمحل المحال وأقبح المقال وأسخف الفعال، ولو وقع لدل على أنه قد وقع في عقله اختلال، فكيف يصح من الحكيم العليم المتعال؟!
  (و) الثاني: قوله: (لأن الإنسان يلحقه حكم فعله من المدح والثَناء، والذم
(١) هذا استدلال أبي الحسين كما نقله عنه القرشي في المنهاج، فالضمير في قوله: «قال» الآتي يعود إلى أبي الحسين.